للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي، وَاللَّهِ مَا جَمَعتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ؛ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ، كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الذِي كنْتُ أُحَدِّثُكُم عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي: أنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَؤُوا (١) إِلَى جَزِيرة فِي الْبحرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ (٢) السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيتُهُمْ دَابَّة أَهْلَبُ (٣) كَثِيرُ الشَّعْرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعْرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ! مَا أَنْتِ؟

فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟

قَالَتْ: أَيُّها الْقَوْمُ! انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ (٤)، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا (٥) مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا،


(١) أرفَأْتَ السفينة: إذا قَرَّبتْها من الشاطئ، والموضع الذي تشد فيه: الْمَرْفَأُ. انظر النهاية (٢/ ٢١٩).
(٢) أَقْرُبِ السفينة: بضم الراء هي سُفُن صغار تكون مع السفن الكبار البحرية كالجنائب لها، واحدها قارب، وجمعها: قوارب. انظر النهاية (٤/ ٣١).
(٣) أَهْلَب: بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح اللام: غليظ الشعر كثيره. انظر النهاية (٥/ ٢٣٢) - صحيح مسلم بشرح النووي (١٨/ ٦٥).
(٤) الدَيْر: بفتح الدال وسكون الياء، هو خان النصارى. انظر لسان العرب (٤/ ٤٥٧).
الْخَان: هو بمثابة مكان يجتمع فيه النصارى لأداء عبادتهم.
(٥) الْفَرَقُ: بالتحريك: الخوف والفزع: انظر النهاية (٣/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>