للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيعَةً (١) لَنَا، وَاسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْ فَضْلِ طُهُورِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فتَوَضَّأَ مِنْهُ وَتَمَضْمَضَ، وَصَبَّ لَنَا فِي إِدَاوَةٍ، ثُمَّ قَالَ: "اذْهبُوا بِهذَا الْمَاءِ، فَإِذَا قَدِمتُم بَلَدَكُم، فَاكْسِرُوا بِيعَتَكُم، ثُمَّ انْضَحُوا (٢) مَكَانَها مِنْ هَذَا الْمَاءِ، وَاتَّخِذُوا مَكَانَها مَسْجِدًا".

فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّه! الْبَلَدُ بَعِيدٌ، وَالْحَرُّ شَدِيدٌ، وَالْمَاءُ يَنْشَفُ، قَالَ: "فَأَمِدُّوهُ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا طِيبًا".

فَخَرَجْنَا فتَشَاحَحْنَا (٣) عَلَى حَملِ الْإِدَاوَةِ أَيُّنَا يَحْمِلُهَا، فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَوْبًا (٤) لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَخَرَجْنَا بِهَا حَتَّى قَدِمنَا بَلَدَنَا، فَعَمِلْنَا الذِي أَمَرَنَا (٥)، وَرَاهِبُ ذَلِكَ القوْمِ رَجُل مِنْ طَيْءٍ، فنَادَيْنَا بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: دَعوَةُ حَقٍّ، ثُمَّ هَرَبَ، فَلَمْ يُرَ بَعْدُ (٦).

* * *


(١) بِيعَة: بكسر الباء هي كنيسة اليهود، وقيل كنيسة لنصارى، ومنه قوله تَعَالَى في سورة الحج آية (٤٠): {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}. انظر لسان العرب (١/ ٥٥٨)
(٢) النَّضْحُ: الرَّشُ. انظر لسان العرب (١٤/ ١٧٣).
(٣) الشُّح: أشد البخل. انظر النهاية (٢/ ٤٠١).
(٤) نَاوَبَهُ في الشيء والأمر: أي ساهمه فيه وتداوله معه. انظر المعجم الوسيط (٢/ ٩٦١).
(٥) في رواية النسائي قال: فخرجنا حتى قدمنا بلدنا، فكسرنا بيعتنا، ثم نضحنا مكانها، واتخذناها مسجدًا.
(٦) أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب الطهارة - باب نواقض الوضوء - رقم الحديث (١١٢٣) - والنسائي في السنن الكبرى - كتاب المساجد - باب اتخاذ البيع مساجد - رقم الحديث (٧٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>