للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرُحِلَتْ لَهُ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي مِنْ أَرْضِ عُرَنَةَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ (١)، خُطْبَةً عَظِيمَةً جَامِعَةً، قَرَّرَ فِيهَا قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ، وَهَدَمَ فِيهَا قَوَاعِدَ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّه تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ:

"أَيُّهَا النَّاسُ! اسْمَعُوا قَوْلِي، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا بِهَذَا الْمَوْقِفِ أَبَدًا.

أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ دِمَاءَكُمْ (٢) وَأَمْوَالَكُمْ (٣) حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ


(١) قلت: هذا هو الصحيح في أن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب خطبة عرفة وهو على راحلته، وهي رواية الإِمام مسلم في صحيحه من حديث جابر -رضي اللَّه عنه- الطويل، ورقمه (١٢١٨).
وروى الإِمام أحمد في مسنده بسند صحيح - رقم الحديث (٢٠٣٣٥) عن العَدَّاءِ بن خالد -رضي اللَّه عنه- قال: رأيت رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب الناس يوم عرفة على بعير.
وأما ما رواه أبو داود في سننه - كتاب المناسك - باب الخطبة على المنبر بعرفة - رقم الحديث (١٩١٥) عن رجل من بني ضمرة عن أَبيه عن عمه قال: رأيت رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على المنبر بعرفة. فإسناده ضعيف.
(٢) قلت: جاءت أحاديث كثيرة تشدد على حرمة الدم، فقد روى الإِمام البخاري - رقم الحديث (٦٨٦٢) عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دمًا حرامًا".
قال ابن العربي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (١٤/ ١٦٧): الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت؛ لأنها لا تقي بوزره، والفسحة في الذنب قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا القتل ارتفع القبول.
وروى الإِمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٦٨٦٣) عن عبد اللَّه بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حِلّه.
(٣) وأما حرمة الأموال، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٥٩٧٨) - =

<<  <  ج: ص:  >  >>