للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَرْوَةِ إلى مَبْيَعَةِ غُلامٍ نَصْرَانِيٍّ يُقالُ لهُ: جَبْرٌ، عَبْدٌ لابنِ الحَضْرَمِيِّ، فكانُوا يقُولُونَ: واللَّهِ ما يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا كَثِيرًا مما يأتِي بهِ إلا جَبْرٌ النَّصْرَانِيُّ، غُلامُ ابنِ الحَضْرَمِيِّ، فأنزلَ اللَّهُ في ذَلِكَ مِنْ قَوْلهِمْ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (١).

قَالَ ابنُ هِشَامٍ: يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ: أي يَمِيلُونَ إِلَيْهِ، والإلْحَادُ: المَيْلُ عَنِ الحَقِّ (٢).

٢ - من أسَالِيبِهِمْ أَيْضًا: مُعَارَضَةُ القُرْآنِ بأسَاطِيرِ الأوَّلينَ لإِشْغَالِ النَّاسِ بها عَنْهُ، فقدْ ذُكِرَ أَنَّ النَّضْرَ بنَ الحَارِثِ (٣) وَكَانَ مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيشٍ، ومِمَّنْ يُؤْذِي رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويَنْصُبُ لهُ العَدَاوَةَ، كَانَ قَدِمَ الحِيرَةَ (٤)، وتَعَلَّمَ بها أحادِيثَ مُلُوكِ الفُرْسِ، وأحَادِيثَ رُسْتُمٍ، فَكَانَ إِذَا جَلَسَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مَجْلِسًا


(١) سورة النحل آية (١٠٣) - والخبر في سيرة ابن هشام (٦/ ٢) - وأخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب تفسير سورة النحل - رقم الحديث (٣٤١٤) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- وإسناده صحيح.
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٧).
(٣) هذا الرَّجلُ مِنْ أشَدِّ مَنْ عَانَدَ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ أُسِر في غَزْوَةِ بدرٍ الكبرى، فَقُتِلَ كافرًا، قتَلَهُ عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- بأمْرٍ مِنَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٤) الحِيرَةُ: بكسر الحاء، مدِينةٌ على ثَلاثةِ أمْيَالٍ منَ الكُوفَةِ على مَوْضِعٍ يُقَالُ لهُ النَّجَفُ، كانتْ مَسْكَنَ مُلُوكِ العَرَبِ في الجاهليةِ من زَمَنِ نَضْرٍ ثم لَخْمِ النُّعمانِ وآبائِهِ، وقيل: إنَّما سُمِّيت الحِيرة لأنَّ تُبَّعًا لمَّا أقبلَ بجيوشه فَبَلغَ موضِعَ الحِيرَةِ ضَلَّ دليلُهُ، وتحيَّر فسُمِّيت الحِيرَة. انظر معجم البلدان (٣/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>