= للكوفة، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٤٨٧٩) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار (١١/ ٣١٢) بسند صحيح عن حارثة بن مُضرّب، قال: صليت الغداة -أي صلاة الفجر- مع عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- في المسجد، فلما سَلّم قام رجل، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فواللَّه لقد بِتُ هذه الليلة وما في نفسي على أحد من الناس حِنة -أي ضغينة-، وإني كنت استطرقت رجلًا من بني حنيفة لفرسي -أي طلب منه فحلا يعلو فرسه لكي تحمل منه- فأمرني أن آتيه بغلس -الغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح- وإني أتيته، فلما انتهيت إلى مسجد بني حنيفة مسجد عبد اللَّه بن النواحة، سمعت مؤذنهم وهو يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن مسيلمة رَسُول اللَّهِ، فاتهمت سمعي، وكففت الفرس حتى سمعت أهل المسجد اتفقوا على ذلك، فما كذبه عبد اللَّه، وقال: مَنْ هاهنا؟ فقام رجال، فقال: عليّ بعبد اللَّه بن النواحة وأصحابه، قال حارثة: فجيء بهم وأنا جالس، فقال عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- لابن النواحة: ويلك! أين ما كنت تقرأ من القرآن؟ قال: كنت أتقيكم به، قال له: تُب، فأبى، فامر به عبد اللَّه قُرظة بن كعب الأنصاري، فأخرجه إلى السوق فجلد رأسه، قال حارثة: فسمعت عبد اللَّه يقول: مَن سَرّه أن ينظر إلى عبد اللَّه بن النواحة قتيلًا بالسوق، فليخرج، فلينظر إليه، قال حارثة: فكنت فيمن خرج ينظر إليه، ثم إن عبد اللَّه استشار أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في بقية النفر، فقام عدي بن حاتم الطائي -رضي اللَّه عنه-، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فثؤلول من الكفر أطلع رأسه، فاحسمه، فلا يكون بعده شيء، وقام الأشعث بن قيس، وجرير بن عبد اللَّه البجلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فقالا: بل استتبهم، وكفلهم عشائرهم، فاستتابهم فتابوا، وكفلهم عشائرهم، ونفاهم إلى الشام.