للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ (١)، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَلَمَّا رَآه لَا يُنْصِتُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَلَمَّا سَمِعُوا كَلَامَهُ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ -رضي اللَّه عنه-، فَحَمِدَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- اللَّه تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّه، فَإِنَّ اللَّه حَيٌّ لَا يَمُوتُ، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} " (٢)، فنَشَجَ (٣) النَّاسُ يبكُونَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فتَلَقَّاهَا النَّاسُ مِنْهُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلَّا يَتْلُوهَا (٤).


(١) في رواية أخرى في صحيح البخاري - رقم الحديث (٣٦٦٧) قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: أيها الحالف على رِسلك.
وفي رواية ابن إسحاق في السيرة (٤/ ٣١٣): على رِسلك يا عمر، أنصت، فأبى.
والرِسْلُ: بكسر الراء أي تَمهّل. انظر لسان العرب (٥/ ٢١٢).
(٢) سورة آل عمران آية (١٤٤).
(٣) النَّشِيجُ: صوت معه توجع وبكاء. انظر النهاية (٥/ ٤٥).
(٤) أخرج ذلك كله البخاري في صحيحه - كتاب الجنائز - باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه - رقم الحديث (١٢٤١) (١٢٤٢) - وأخرجه في كتاب المغازي - باب مرض النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ووفاته - رقم الحديث (٤٤٥٢) (٤٤٥٣) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٥٨٤١) - وابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخ - باب وفاته -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (٦٦٢٠) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (٢٠٧٤) - وابن إسحاق في السيرة (٤/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>