للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ في حَفْرِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، هَلْ يُجْعَلُ له لَحْدٌ (١)، أَوْ يُجْعَلُ له شَقٌّ؟ .

وَكَانَ في الْمَدِينَةِ رَجُلَانِ يَحْفِرَانِ الْقُبُورَ، هُمَا: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ يَضْرِحُ (٢) كَحَفْرَ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالآخَرُ هُوَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ يَلْحِدُ، وَكَانَ يَحْفِرُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ أَحدَهُمَا إلى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ -رضي اللَّه عنه-، وَالْآخَرَ لِأَبِي طَلْحَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالُوا: أَيُّهَا جَاءَ أَوَّلًا حَفَرْنَا عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَجَاءَ أَوَّلًا أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ -رضي اللَّه عنه-، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَذَهَبَ الرَّجُلَانِ، فَلَمْ يَجْدْ صَاحِبُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ، فَجَاءَ بِهِ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ ابْنِ مَاجَه في سُنَنِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اخْتَلَفُوا في اللَّحْدِ وَالشَّقِّ، حَتَّى تَكَلَّمُوا في


(١) اللَّحْدُ: الشِّقُّ الذي يُعمل في جانب القبر لموضع الميت؛ لأنه قد أُميل عن وسط القبر إلى جانبه. انظر النهاية (٤/ ٢٠٤).
(٢) الضَّرِيحُ: أي يعمل الضريح، وهو القبر. انظر النهاية (٣/ ٧٥).
(٣) أخرجه ابن ماجه في سننه - كتاب الجنائز - باب ما جاء في الشق - رقم الحديث (١٥٥٧) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٢٨٣٢) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٣٩) (٢٣٥٧) - وإسناده حسن.
(٤) أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٣٥٧) - وإسناده حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>