للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ: أنَا، قَالُوا: إنَّا نَخْشَاهُمْ عَلَيْكَ، إِنَّمَا نُرِيدُ رَجُلًا لَهُ عَشِيرَةٌ يَمْنَعُونَهُ مِنَ القَوْمِ إِنْ أرَادُوهُ، قَالَ: دَعُونِي فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيَمْنَعُنِي، قَالَ: فَغَدَا ابنُ مَسْعُودٍ حتَّى أَتَى المَقَامَ في الضُّحَى، وقُرَيْشٌ في أنْدِيَتِهَا، فَقَامَ عِنْدَ المَقَامِ، ثُمَّ قَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَافِعًا صَوْتَهُ: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} قَالَ: ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا يَقْرَأُ فِيهَا، قَالَ: وتَأَمَّلُوهُ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا يَقُولُ ابنُ أُمِّ عَبْدٍ؟ قَالَ: ثُمَّ قَالُوا: إنَّهُ لَيَتْلُو بَعْضَ ما جَاءَ بهِ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَامُوا إِلَيْهِ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ في وَجْهِهِ، وجَعَلَ يَقْرَأُ حتَّى بلَغَ ما شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى أَصْحَابِهِ، وقَدْ أثَّرُوا في وَجْهِهِ، فقَالُوا لَهُ: هَذَا الذِي خَشِينَا عَلَيْكَ، فقَالَ: ما كَانَ أعْدَاءُ اللَّهِ أهْوَنَ عَلَيَّ مِنْهُمْ الآنَ، ولَئِنْ شِئْتُمْ لَأُغَادِيَنَّهُمْ بِمِثْلِهَا، قَالُوا: حَسْبُكَ فَقَدْ أسْمَعْتَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ (١).

ورَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صحِيحِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: مَا أعْرِفُ أحَدًا أقْرَبَ سَمْتًا (٢) وَهَدْيًا (٣) وَدَلًّا (٤) بِالنَّبِيِّ -رضي اللَّه عنه- مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة - رقم الحديث (١٥٣٥) - وابن إسحاق في السيرة (١/ ٣٥١).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٤٧٤): سَمْتًا: أي خُشُوعًا.
(٣) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٤٧٤): هَدْيًا: أي طَرِيقَةً.
(٤) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٤٧٤): دَلًّا: أي سِيرَةً وحَالَةً وهَيْئَة، وكأنَّهُ مأخُوذٌ ممَّا يَدُلُّ ظاهرُ حالهِ على حُسْنِ فِعَالِهِ.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باب مناقب عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (٣٧٦٢) - وأخرجه الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (٢٣٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>