للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْلِمِينَ، حَتَّى يَئِسَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ مِنْ إسْلامِهِ، لَكِنْ لَمَّا أرَادَ اللَّهُ لَهُ الهِدَايَةَ صَدَرَتْ مِنْهُ -رضي اللَّه عنه- بَعْضُ التَّصَرُّفاتِ التِي تُعْطِي الأَمَلَ بإسْلامِهِ.

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في فَضائِلِ الصَّحَابَةِ، والحَاكِمُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ لَيْلَى بِنْتِ أَبِي حَثَمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا زَوْجِ الصَّحابِيِّ الجَلِيلِ عامِرِ بنِ رَبِيعَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَتْ: إنَّا لَنَرتَحِلُ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ عامِرٌ في بَعْضِ حَاجَاتِنا، إِذْ أقْبَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ، وهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، قَالَتْ: وكُنَّا نَلْقَى مِنْهُ البَلَاءَ أذًى لَنَا، وَشِدَّةً عَلَيْنا.

فَقَالَ عُمَرُ: إنَّهُ الانْطِلاقُ يا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟

قَالَتْ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، واللَّهِ لَنَخْرُجَنَّ في أَرْضِ اللَّهِ، آذَيْتُمُونَا وقَهَرْتُمُونَا، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّه لنَا مَخْرَجًا، فَقَالَ: صَحِبَكُمُ اللَّه.

قَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ: ورَأَيْتُ لَهُ رِقَّةً لَمْ أَكُنْ أَرَاهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ أَحْزَنَهُ فِيمَا رَأَى خُرُوجُنا، قَالَتْ: فَجاءَ عامِرٌ -زَوْجُهَا-، فَقُلْتُ لَهُ: يا أبا عَبْدِ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَ عُمَرَ آنِفًا، وَرِقَّتَهُ، وحُزْنَهُ عَلَيْنا، قَالَ: أطَمِعْتِ في إسْلَامِهِ؟

قَالَتْ: نَعَمْ.

قَالَ: لا يُسْلِمُ الذِي رَأَيْتِ حَتَّى يُسْلِمَ حِمارُ الخَطَّابِ.

قَالَتْ: قَالَ عامِرٌ ذَلِكَ يَأْسًا لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ غِلْظَتِهِ وَقَسْوَتهِ عَلَى الْإِسْلَامِ (١).


(١) أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة - رقم الحديث (٣٧١) - والحاكم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>