للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ نَصَفٌ (١) بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أخْبَرَنِي وَلَمْ يَكْذِبْنِي قَطُّ، أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَى صَحِيفَتِكُمْ التِي كتَبْتُمُ الأَرَضَةَ، فَأَكَلَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا إِلَّا: "بِاسِمِكَ اللَّهُمَّ" (٢).

وفِي رِوَايَةٍ قَالَ: لَمْ تَتْرُكْ فِيهَا اسْمًا للَّهِ إِلَّا لَحَسَتْهُ، وتَرَكَتْ فِيهَا غَدْرَكُمْ وتَظَاهُرَكُمْ عَلَيْنَا بِالظُّلْمِ، فَإِنْ كَانَ الحَدِيثُ كَمَا يَقُولُ فَأَفِيقُوا، فَوَاللَّهِ لَا نُسْلِمُهُ حَتَّى نَمُوتَ عَنْ آخِرِنَا، وإِنْ كَانَ الذِي يَقُولُ بَاطِلًا دَفَعْنَا إِلَيْكُمْ صَاحِبَنَا، فَقتَلْتُمْ أَوِ اسْتَحْيَيْتُمْ، فَقَالُوا: قَدْ أَنْصَفْتَنَا رَضِينَا بِالذِي تَقُولُ، فَفَتَحُوا الصَّحِيفَةَ، فَوَجَدُوا الأَمْرَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ صِدْقَ مَا جَاءَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ، وَنُكِسُوا عَلَى رُؤِوسِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: هَذَا سِحْرُ ابنِ أَخِيكَ، وزَادَهُمْ ذَلِكَ بَغْيًا وعُدْوَانًا.

فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! عَلَامَ نُحْبَسُ ونُحْصَرُ، وَقَدْ بَانَ الأَمْرُ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ أنَكُمْ أَوْلَى بِالظُّلْمِ، وَالقَطِيعَةِ، والإِسَاءَةِ؟

ثُمَّ دَخَلَ هُوَ وأصْحَابُهُ بَيْنَ أسْتَارِ الكَعْبَةِ وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ! انْصُرْنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَقَطَعَ أرْحَامَنَا، واسْتَحَلَّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَّا، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الشِّعْبِ.


(١) النَّصَفُ: أيْ أمْرٌ وَسَطٌ. انظر لسان العرب (١٤/ ١٦٦).
(٢) قال الإمام الطبري في تاريخه (١/ ٥٥٣): وهي فَاتِحَةُ ما كَانَتْ تَكْتُبُ قُرَيْشٌ، تَفْتَتِحُ بها كِتَابَهَا إذا كتَبَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>