للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنُ أَبِي أُمَيَّةَ في نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَة أُحَاجُّ (١) لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ" فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟

فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (٢).

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ" (٣).

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى في صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعَمِّهِ: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ: يَقُولُونَ:


(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٥٩٣): أُحَاجُّ: بتشديدِ الجيم وأصلُهُ أُحَاجِجُ، وكأنهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَهِمَ من امتِنَاع أبي طالب منَ الشَّهادَةِ في تلك الحالةِ أنَّه ظَنَّ أن ذلك لا يَنْفَعُهُ لِوُقُوعِهِ عند المَوْتِ، أو لكونه لم يتمكَّنْ من سائر الأعمالِ كالصلاةِ وغيرها، فلذلك ذَكَرَ لَهُ المُحَاجَجَةَ.
(٢) قلتُ: انظروا وتأمَّلُوا أثر الصُّحبة الفاسدةِ كيفَ جعلت أبا طالب يموتُ علي الكفر، وصَدَقَ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عندَما قال: "المرءُ علي دِينِ خَليلِهِ، فليَنْظُرْ أحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ"، وفي رِواية: "مَنْ يُخَالِطْ". رواه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٨٤١٧)، (٤٠٢٨) - وأبو داود في سننه - كتاب الأدب - باب من يؤمر أن يجالس - رقم الحديث (٤٨٣٣) وإسناده جيد. وَقَالَ الشَّاعر:
عنِ المرءِ لا تَسَلْ وسَلْ عن قَرِينِهِ ... فكُلُّ قَرِينٍ بالمُقَارَنِ يَقْتَدِي
فَإِنْ كَانَ ذَا شَرٍّ فَجَنِّبْهُ سُرْعَةً ... وَإِنْ كَانَ ذَا خَيْرٍ فَقَارِنْهُ تَهْتَدِي
إِذَا كُنْتَ في قومٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ ... ولا تَصحَبِ الأرْدَى فتَرْدَى مَعَ الرَّدِي
(٣) أخرج ذلك: البخاري في صحيحه - كتاب مناقب الأنصار - باب قصة أبي طالب - رقم الحديث (٣٨٨٤) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت. . - رقم الحديث (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>