للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعُرِجَ بِالرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى وَصَلَ إِلَى مُسْتَوًى سَمعَ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ، قَالَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوْسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ"، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟

فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلِّ يَوْمٍ".

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ارْجعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، وإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وعَالَجْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ أشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْاَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا"، فَقُلْتُ: "حَطَّ عَنِّي خَمْسًا"، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجعْ إِلَى رَبِّكَ فَسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَمْ أَزَلْ أَرْجعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وبيْنَ مُوسَى"، حَتَّى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تَكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً (١).

قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: فنَزَلْتُ حَتَّى انتهَيْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرتهُ، فَقَالَ: ارْجعْ إِلَى رَبِّكَ


(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦١٩): هذا من أقوَى ما استدل به على أَنَّ اللَّه سبحانه وتَعَالَى كلَّمَ نبيَّهُ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةَ الإسراءِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ١٢٢): فحصَلَ له التكلِيمُ من الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ليلْتَئِذَ وأئمَّة السنة كالمطبِقِينَ على هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>