للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُضِعَ دُونَ دَارِ عَقِيلٍ فنعَتُّهُ، وأنَا أنْظُرُ إِلَيْهِ".

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ نَعْتِهِ قَالَ المُشْرِكُونَ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ (١).

ثُمَّ إِنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لَهُمْ: "آيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ بِمَكَانِ كذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسُّ الدَّابَّةِ -أَي الْبُرَاقِ- فَنَدَّ لَهُمْ بَعِيرٌ، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطَّوْا عَلَيْهَ بِشَيءٍ، فكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتُ مَا فِيهِ، ثُمَّ غَطَّيْتُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَعَلَى عِيرِهِمْ جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غَرَارَتَانِ، إِحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ، وَالأُخْرَى بَرْقَاءُ"، فَلَمَّا جَاءَتِ الْعِيرُ، إِذَا عَلَيْهَا ذَلِكَ الجَمَلُ الذِي وَصَفَهُ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسَأَلُوهُمْ عَنِ الإِنَاءِ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ وَضَعُوهُ مَمْلُوءًا مَاءً، ثُمَّ غَطَّوْهُ، وَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا فَوَجَدُوهُ مُغَطًّى كَمَا غَطَّوْهُ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً، وَسَأَلُوهُمْ: هَلْ ضَلَّ لَكُمْ بَعِيرٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، نَدَّ لَنَا بَعِيرٌ فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إِلَيْهِ حَتَّى أَخَذْنَاهُ (٢).

فَعَجِبَ الكُفَّارُ لَمَّا عَرَفُوا صِدْقَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا نُفُورًا وَطُغْيَانًا كَبِيرًا.

قُلْتُ: وَقَدْ أَخْبَرَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَوْمَهُ بِالإِسْرَاءِ أَوَّلًا، فَلَمَّا ظَهَرَتْ لَهُمْ


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٨١٩) - وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>