للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْكُلُ القُرَى (١)، يَقُولُونَ: يَثْرِبُ (٢)، وَهِيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ (٣) خَبَثَ (٤) الحَدِيدِ" (٥).

ثُمَّ إِنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَ جَمِيعَ المُسْلِمِينَ بِالهِجْرَةِ إِلَى المَدِينَةِ، وَاللُّحُوقِ بِإِخْوَانِهِمْ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لَكُمْ إِخْوَانًا وَدَارًا تَأْمَنُونَ بِهَا" (٦). فَخَرَجُوا أَرْسَالًا (٧)، مُتَخَفِّينَ، مُشَاةً، وَرُكْبَانًا.


(١) قال الحافظ في الفتح (٤/ ٥٧٢): أي تغلبهم، وكنى بالأكلِ عن الغَلَبة، لأن الآكل غالِبُ على المَأْكول.
وقال ابن بطالٍ فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (٤/ ٥٧٢): معناهُ يفتَحُ أهلها القُرى فيأكلون أموالهم ويَسْبُون ذَرَارِيهم، قال: وهذا من فَصِيح الكلام، تقول العرب: أكلنَا بلَدَ كذا إِذَا ظَهَرُوا عَلَيْهَا.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٤/ ٥٧٢): أي أَنَّ بعضَ المنافقِين يُسَمِّيها يثرب، واسمُها الَّذي يَلِيقُ بها المدينة، وفَهِمَ بعض العلماء من هذا كرَاهة تسمية المدينةِ يَثْرِب، وقالوا: ما وَقع في القرآن وهو قوله تعالى في سورة الأحزاب آية (١٣): {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}. إنما هو حِكَايَةٌ عن قول غَيْر المؤمنين.
(٣) الكِيرُ: هو الزِّقُّ الَّذي يُنْفَخُ بهِ النار. انظر فتح الباري (٤/ ٥٧٣) - والنهاية (٤/ ١٨٨).
(٤) الخَبَثُ: هو الوَسَخُ الَّذي تُخرجه النار. انظر فتح الباري (٤/ ٥٧٣).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب فضائل المدينة - باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس - رقم الحديث (١٨٧١) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب المدينة تنفي شِرَارها - رقم الحديث (١٣٨٢).
(٦) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٨١).
(٧) أرسالًا: أي جماعات وفِرَقًا متقطعة بعضهم يتلو بعضًا. انظر لسان العرب (٥/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>