للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (١).

فَلَمَّا انْتَهَى هَؤُلَاءَ الكُفَّارُ إِلَى بَابِ الغَارِ، قَالُوا: هَاهُنَا انْقَطَعَ الأَثَرُ، وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الأَمْرُ، فَلَمَّا رَأَوْا نَسْجَ العَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِ الغَارِ قَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ نَسْجُ العَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ (٢)، فَانْصَرَفُوا.

قُلْتُ: كَانَتْ مُعْجِزَةً، أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَتَتَجَلَّى هَذِهِ المُعْجِزَةُ فِي أَنَّ هَؤُلَاءَ الكُفَّارِ لَمْ يَتَكَلَّفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَنْظُرَ دَاخِلَ الغَارِ، وَإِنَّمَا وَقَفُوا عَلَى بَابِ الغَارِ، فَلَمَّا رَأَوْا نَسْجَ العَنْكَبُوتِ، قَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ العَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا.


= قال الإمام النووي في شرح مسلم (٥/ ١٢٢): وفي هذا الحديث فضيلة لأبي بكر -رضي اللَّه عنه- وهي من أجلِّ مناقبه، ولفضيلته أوْجُه منها: بَذْله نفسه، ومُفَارَقتهُ أهله وماله ورِيَاسَتِهِ في طاعة اللَّه تعالى ورسوله، وملازمَة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعادَاتُ الناس فيه، ومنها جعله نفسه وِقَاية عنه.
(١) سورة التوبة، آية (٤٠).
(٢) قِصَّة نسج العنكبوت على فَمِ الغار أخرجها: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٣٢٥١) - وغيره، وحسن إسنادها الحافظ ابن حجر في الفتح (٧/ ٦٤٥) - والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ١٩٥).
مع أن في سَنَدِهِ عثمان بن عمرو بن سَاجٍ الجَزري، قال عنه الحافظ في التقريب: فيه ضَعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>