للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ العَرَبِ (١)، هَذَا جَدُّكُمْ (٢) الذِي تَنْتَظِرُونَ، فَثَارَ المُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ، فتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِظَهْرِ الحَرَّةِ، وَسُمْعَتِ الرَّجَّةُ (٣) وَالتَّكْبِيرُ فِي بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، وَكَبّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحًا بِقُدُومِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَتَلَقَّوْهُ وَحَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ، فَطَفِقَ (٤) مَنْ جَاءَ مِنَ الأَنْصَارِ، مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ (٥) رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦)


= وقيل معناهُ: ظهرَتْ حركَتُهُم للعين.
(١) في رواية ابن إسحاق في السيرة (٢/ ١٠٦): يا بَنِي قَيْلَة: بفتح القاف وهي الجَدَّة الكبرى للأنصارِ والِدَةُ الأوسِ والخَزْرَجِ، وهي قَيْلةُ بنتُ كَاهِلٍ.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٥٤): جدكم: بفتح الجيم أي حَظكم، وصاحبُ دَوْلَتكم الذي تتوقَّعُونه.
(٣) الرَّجَّةُ: الحركة الشديدة. انظر النهاية (٢/ ١٨١).
ومنه قوله تعالى في سورة الواقعة آية (٤): {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا}.
(٤) فطَفِقَ: أي فجَعَلَ. انظر لسان العرب (٨/ ١٧٤).
(٥) قُلتُ: وقَع في رواية الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الزهد والرقائق - باب في حديث الهجرة - رقم الحديث (٣٠٠٩) عن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّه عَنْهما، عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "فقدِمْنَا المدينةَ ليلًا".
قال الحافظ في الفتح (٧/ ٦٥٥): ويجمعُ بينهما بأن القُدُوم كان آخرَ الليل فدخل نهارًا.
(٦) قال الشيخ علي الطنطاوي في كتابه رجال من التاريخ ص ١٨: لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَكُن مَلِكًا، ولا يلبسُ الحَرِير، ولا تلوحُ عليه شاراتُ المُلْك، ولا يتألقُ على جبينه التَّاج، بل كان عَبْدًا للَّه مُتَواضعًا، يَلْبَسُ ما يلبسُ الناس، ويأكلُ ما يأكلونَ، ويَجُوع إن جاعوا، ويشْبَع إن شَبِعوا، ولقد كان فىِ أصحابه الأغنياء المُوسِرون، ولكن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- أحبَّ أن يعيش فقيرًا، وأن يَمُوت فقيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>