للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَكَيْفَ لَا تَفْرَحُ القُلُوبُ بِحُلُولهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ الحَبِيبُ المَحْبُوبُ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: إِنِّي لَأَسْعَى فِي الغِلْمَانِ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ، فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ، فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا، قَالَ: حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ، فكَمَنَّا (١) فِي بَعْضِ حِرَارِ (٢) المَدِينَةِ، ثُمَّ بَعَثَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الأَنْصَارَ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ (٣) خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ حَتَّى انتهَوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ الأَنْصَارُ: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ، فَأَقْبلَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَخَرَجَ أَهْلُ المَدِينَةِ حَتَّى إِنَّ العَوَاتِقَ (٤) لفَوْقَ البُيُوتِ يَترَاءَيْنَهُ، يَقُلْنَ: أَيّهُمْ هُوَ؟ أَيُّهُمْ هُوَ؟

فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا شَبِيهًا بِهِ يَوْمَئِذٍ (٥).

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَتَّى جَعَلَ


(١) كمن: اختفى. انظر لسان العرب (١٢/ ١٦٠).
(٢) حرار المدينة: هي أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة. انظر النهاية (١/ ٣٥١).
(٣) زُهاء: أي قَدْر، يقال: هم زُهاء مائة: أي قدرها. انظر لسان العرب (٦/ ١٠٦).
(٤) العاتق: الشابة أول ما تدرك. انظر النهاية (٣/ ١٦٢).
(٥) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٢٠٥)، (١٣٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>