للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَادِ العُظَمَاءِ فِي كُلِّ العُصُورِ، ولَوْلَا الهِجْرَةُ مَا وَجَدَ هَؤُلَاءِ مَنَاخَ الِانْطِلَاقِ.

لَا شَكَّ بَعْدَ هَذَا. . . أَنَّ الهِجْرَةَ كَانَتْ بِدَايَةَ انْطِلَاقِ الإِسْلَامِ إِلَى كُلِّ الآفَاقِ، وفَاتِحَةَ خَيْرٍ لبنَاءِ الدَّوْلَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، وبُشْرَى تَخْلِيصِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنْ بَرَاثِنِ الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ، وإرْهَاصَةَ (١) قِيَامِ الحَضَارَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، لِهَذَا كَانَ الإِصْرَارُ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الهِجْرَةُ، ولَيْسَتِ البِعْثَةُ أَوْ وَفَاةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هِيَ بِدَايَةُ التَّأْريخِ الإِسْلَامِيِّ (٢).

إِنَّ إِلْهَامَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- وَصِدْقَ فِرَاسَتِهِ فِي الِاعْتِدَادِ بِالهِجْرَةِ، وجَعْلِهَا بِدَايَةَ التَّأْرِيخِ (٣) الإِسْلَامِيِّ كَانَ فِي مَحَلِّهِ ومَوْضِعِهِ.


(١) الإرهاص: المقدمة للشيء. انظر لسان العرب (٥/ ٣٤٣).
(٢) انظر كتاب التخطيط للهجرة مبادئ علمية وإلهامات ربانية ص ١١٥ - ١٢٣ للأستاذ أحمد عبد العظيم.
(٣) أخرج الإمام البخاري في صحيحه - كتاب مناقب الأنصار - باب التاريخ، من أين أرَّخُوا التاريخ؟ - رقم الحديث (٣٩٣٤) عن سهل بن سعد -رضي اللَّه عنه- قال: ما عَدُّوا من مَبْعَث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا من وَفَاته، ما عدّوا إلا من مقدمه المدينة.
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه - كتاب الهجرة - باب مشاورة عمر -رضي اللَّه عنه- في أمْرِ تاريخ الإسلام - رقم الحديث (٤٣٤٤) عن سعيد بن المسيب قال: جمَعَ عمر -رضي اللَّه عنه- الناس فسألهم: من أي يومٍ يكتب التاريخ؟
فقال علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-: من يوم هَاجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وترَكَ أرضَ الشرك، ففعله عمر -رضي اللَّه عنه-.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٣/ ٢٢٠): اتفق الصحابة -رضي اللَّه عنهم- أجمعين في سنة ست عشرة وقيل سنة سبع عشرة، أو ثماني عشرة في الدولة العُمَرية على جعل ابتداء =

<<  <  ج: ص:  >  >>