للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ وحَوَّلَ وَجْهَهُ، ودَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانتهَرَنِي (١) وَقَالَ: مِزْمَارَةُ (٢) الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-! فَأَقبلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقَالَ: "دَعْهُمَا" (٣)، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ (٤) والحِرَابِ، فإمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وإمَّا قَالَ: "أتشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ" (٥).

حَتَّى إِذَا مَلَلْتُ قَالَ: "حَسْبُكِ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "فَاذْهَبِي" (٦).


(١) في رواية الزهري قالت رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: فانْتَهَرَهُما: أي الجَارِيَتَين.
قال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٦): ويجمع بأنه شَرَّك بينهن في الانتهار والزجر، أما عائشة فلتقْرِيرِها، وأما الجاريتين فلِفِعْلِهِمَا.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٦): المِزْمَارُ: بكسر الميم يعني الغِنَاء أو الدُّفّ؛ لأن المِزْمَارَة أو المِزْمَار مشْتَقٌّ من الزَّمير وهو الصوتُ الذي له الصَّفِيرُ، ويُطلق على الصوت الحَسَنِ وعلى الغِنَاء، وسُقَيَتْ به الآلَةُ المعروفةُ التي يُزْمَر بها، وإضافتها إلى الشيطان من جِهَة أنها تُلْهِي، فقد تُشْغِلُ القلبَ عنِ الذِّكر.
(٣) قال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٦): فيه تعليلُ الأمر بتركِهِما، وإيضاحُ خلافِ ما ظنَّه الصديق -رضي اللَّه عنه- من أنهما فعلَتَا ذلكَ بِغير علمه -صلى اللَّه عليه وسلم- لكونِه دخَل فوجدَهُ مُغَطّى بثوبه فظنَّه نَائمًا فتوجَّه له الإنكار على ابنتِه من هذه الأوجُهُ مُستصِحبًا لما تقرَّر عنده من مَنْعِ الغِنَاء واللهْوِ، فبادَرَ إلى إنكارِ ذلك. قيَامًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك مُسْتَنِدًا إلى ما ظَهَر له، فأوضح له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الحَال، وعرّفه الحكم مَقرونًا ببيانِ الحكمة بأنه يوم عِيد، أي يوم سُرور شَرعي، فلا يُنكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراسِ.
(٤) الدَّرَقَة: الدرع. انظر لسان العرب (٤/ ٣٣٣).
(٥) قال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٩): أَرْفِدَة: بفتح الهمزة وكسر الفاء وقد تُفتح، قيل هو لَقَبٌ للحبشة، وقيل اسم جدِّهم الأكبر.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسِّيَر - باب الدَّرق - رقم الحديث=

<<  <  ج: ص:  >  >>