للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّه، مَا أهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ (١).

قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢): أيْ طَيِّبُوا أقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وحَسِّنُوا أفْعَالَكُمْ، وهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتكُمْ، كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وأنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ" (٣)، وكَانَ مِنْ أخْلَاقِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ جَمِيلُ العِشْرَةِ دَائِمُ البِشْرِ، يدَاعِبُ أهْلَهُ، ويَتَلَطَّفُ بِهِمْ، ويُوسِّعُهُمْ نَفَقتَهُ، ويُضَاحِكُ نِسَاءهُ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُسَابِقُ (٤) عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ يَتَوَدَّدُ إِلَيْهَا بِذَلِكَ، ويَجْتَمعُ نِسَاؤُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ التِي يَبِيتُ عِنْدَهَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَيَأْكُلُ مَعَهُنَّ العَشَاءَ فِي بَعْضِ الأحْيَانِ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَنْزِلهَا، وَكَانَ يَنَامُ مَعَ المَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهِ فِي شِعَارٍ (٥) وَاحِدٍ، يَضَعُ عَنْ


= السلام دُون غيره من الأنبياء دَلالةٌ على مَزِيدِ فِطْنَتِهَا؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى الناس به كما نَصَّ عليه القرآن، فلمَّا لم يكن لها بد من هَجْرِ الاسم الشريفِ أبدلتهُ بمَنْ هو منه بِسَبِيلٍ حتى لا تَخْرُجَ عن دائرةِ التعلق في الجُمْلَة.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب النكاح - باب غيرة النساء ووجدهن - رقم الحديث (٥٢٢٨) - ومسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب في فضل عائشة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا - رقم الحديث (٢٤٣٩).
(٢) سورة النساء آية (١٩).
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب المناقب - باب في فضل أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (٤٢٣٣) - وابن حبان في صحيحه - كتاب النكاح - باب معاشرة الزوجين - رقم الحديث (٤١٧٧) وإسناده صحيح.
(٤) تقدم قبل قليل هذا الحديث.
(٥) الشِّعَار: هو الثوب الذي يَلِي الجَسَد؛ لأنه يلي شعره. انظر النهاية (٢/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>