للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الأَنْصَارِ -أَوْ رَجُلٌ (١) -: يَا رَسُولَ اللَّهِ ألَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا (٢)؟

قَالَ: "إِنْ شِئْتُمْ" فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبرًا.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ دُفِعَ إلى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فضَمَّهُ إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الذِي يُسَكَّنُ. قَالَ: كَانَتْ تَبْكِي مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا (٣).

وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى في صحِيحِ البُخَارِيِّ قَالَ جَابِرٌ: كَانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إلى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ فَكَانَ عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَسَكَنَتْ (٤).


(١) قال الحافظ في الفتح (٧/ ٣٠٦): شَكٌّ من الراوي والمعتمدُ الأول -أي امرأة-.
(٢) قال الحافظ في الفتح (٢/ ١١٤): فإن قِيلَ ظاهرُ سِيَاق حديث جابر هذا مُخَالف لسِياق حديث سَهْلٍ الذي أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٩١٧): أن رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أرسلَ إلى امرأةٍ من الْأَنصار فقال لها: مُرِي غُلامك النَّجَّار.
لأنَّ في حديث جابر أن المرأة هي التي ابتدأت بالعَرْض، وفي حديث سهل أنَّه هو -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أرسل إليها يَطْلُبُ ذلك.
أجابَ ابن بَطال: باحتمالِ أن تكون المرأةُ ابتدَأت بالسؤالِ مُتَبَرِّعَةً بذلك، فلما وصَل لها القَبُولُ أمكن أن يبطِيَّ الغلام بِعَمله، فأرسل يَسْتَنْجِزُهَا إتمَامَهُ لعلمِهِ بِطِيبِ نفسها بما بَذَلَتْهُ، ويمكنُ إرساله إليها ليعرفها بِصِفَةِ ما يَصْنَعُهُ الغلامُ من الأعْوَادِ، وأن يكون ذلك مِنْبرًا.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإِسلام - رقم الحديث (٣٥٨٤). وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٤٢٠٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإِسلام - رقم الحديث (٣٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>