للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَانْطَلَقَ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ، وَهِيَ أرْضٌ سَبْخَةٌ (١)، فَلَمَّا أتاهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ (٢) حِمَارِكَ.

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَتَمَا (٣)، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ (٤) وَالنِّعَالِ وَالأَيْدِي، فَبَلَغَنَا (٥) أَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِيهِمْ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (٦)} (٧).


(١) الأرضُ السَّبْخَةُ: هي الأرض التي تَعْلُوهَا المُلُوحَةُ، ولا تكادُ تُنبتُ إلا بعضَ الشَّجر. انظر النهاية (٢/ ٣٠٠).
(٢) النتنُ: الرائِحَة الكَرِيهة. انظر لسان العرب (١٤/ ٣٦).
(٣) قال الحافظ في الفتح (٥/ ٦٣٧): فشَتَمَا: أي شَتَمَ كلُّ واحد منهما الآخر.
(٤) الجَرِيدَةُ: السَّعْفَة. انظر النهاية (١/ ٢٤٩).
(٥) قال الحافظ في الفتح (٥/ ٦٣٧): القائَلُ هو أنسُ بن مالك -رضي اللَّه عنه- راوِي الحديث.
(٦) قال الحافظ في الفتح (٥/ ٦٣٧): وقد استشكَلَ ابن بطال نزولَ الآية المذكورة، وهي قوله تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} في هذه القصة؛ لأن المُخَاصَمَة وقعت بينَ مَن كان مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أصحابِه وبين أصحابِ عبد اللَّهِ بن أُبي، وكانوا إذ ذَاكَ كفَّارًا فكيف ينزل فيهم {طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ولا سيما إن كانت قِصَّة أنس وأسامة مُتَّحدة -قصة أسامة ذكرتها في الحديث الذي قبل هذا الحديث-، فإن في رِواية أسامة: فاستَبَّ المسلمون والمشركون.
ويمكن أن يُحمل على التغلِيبِ، مع أن فيها إشْكالًا من جِهَةٍ أخرى وهي أن حديثَ أُسَامة صريحٌ في أن ذلك كان قبلَ وقعَةِ بدرٍ، وقبل أن يُسلم عبد اللَّه بن أُبي وأصحابه، والآية المذكورة في الحجرات، ونزولها متأخِّر جدًا وقت مَجِيءِ الوُفُود، لكنه يحتمل أن تكون آية الإصلاحِ نزلت قديمًا فيَنْدَفِع الإشكال.
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الصلح - باب ما جاء في الإصلاح بين الناس - =

<<  <  ج: ص:  >  >>