للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاءَ، وهُوَ أحَقُّ الخَلْقِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ، وأيْضًا فَالتَّوَكُّلُ لا يُنَافِي تَعَاطِي الأَسْبَابِ؛ لأَنَّ التَّوَكُّلَ عَمَلُ القَلْبِ وهِيَ عَمَلُ البَدَنِ، وَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (١)، وَقَالَ الذِي سَأَلهُ، أعْقِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ، أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟

قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ" (٢)، فأشَارَ إِلَى أَنَّ الِاحْتِرَازَ لَا يَدْفَعُ التَّوَكُّلَ، وَاللَّهُ أعْلَمُ (٣).

وَأَخْرَجَ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ أبَيِّ بنِ كَعْبٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصْحَابُهُ المَدِينَةَ، وآوَتْهُمُ الأَنْصَارُ، رَمَتْهُمُ العَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، كَانُوا لا يَبِيتُونَ إِلَّا بِالسِّلَاحِ، ولا يُصْبِحُونَ إلَّا فِيهِ (٤).

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاودَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَهْلِ بنِ الحَنْظَلِيَّةِ قَالَ: ثُوِّبَ (٥) بالصَّلَاةِ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي وهُوَ


(١) سورة البقرة آية (٢٦٠).
(٢) حديث صحيح أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب صفة القيامة والرقائق والورع - باب (٥٠) - رقم الحديث (٢٦٨٦) - وابن حبان في صحيحه - كتاب الرقائق - باب الورع والتوكل - رقم الحديث (٧٣١).
(٣) انظر فتح الباري (٦/ ١٧٦) - (١١/ ٣٧٣).
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب التفسير - باب شأن نزول آية {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} - رقم الحديث (٣٥٦٤) - والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٦).
(٥) التَّثْوِيبُ في صلاةِ الفَجْرِ: هو أن يَقُولَ المؤذن: "الصَّلاةُ خيرٌ منَ النَّوم" مرتين. انظر النهاية (١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>