للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَرَّ مِنَ المُشْرِكِينَ إِلَى المُسْلِمِينَ المِقْدَادُ بنُ عَمْرٍو -رضي اللَّه عنه- (١) حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وعُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ المَازِنِيُّ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَكِنَّهُمَا خَرَجَا لِيَتَوَصَّلَا (٢) بِالكُفَّارِ (٣).

قُلْتُ: ذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي الفَتْحِ أَنَّ بَعْثَ سَرِيَّةِ عُبَيْدَةَ بنِ الحَارِثِ -رضي اللَّه عنه- كَانَ بَعْدَ غَزْوَةِ الأَبْوَاءَ، فَقَالَ: ذَكَرَ أَبُو الأَسْوَدِ فِي مَغَازِيهِ عَنْ عُرْوَةَ وَوَصَلَهُ ابنُ عَائِذٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا وَصَلَ إِلَى الأَبْوَاءِ بَعَثَ عُبَيْدَةَ بنَ الحَارِثِ -رضي اللَّه عنه- فِي سِتِّينَ رَجُلًا، فَلَقُوا جَمْعًا مِنْ قُرَيْشٍ فَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ، فَرَمَى سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِسَهْمٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (٤).

وَإِذَا صَحَّ هَذَا، فَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ أَبُو الأَسْوَدِ وَابْنُ عَائِذٍ، لَكِنْ يَبْقَى الإِشْكَالُ فِي حَمْلِ المِقْدَادِ بنِ عَمْرٍو لِوَاءَ المُسْلِمِينَ فِي سَرِيَّةِ الخَرَّارِ كَمَا سَيَأْتِي، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَهْمًا مِنِ ابْنِ سَعْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


(١) ويُعرف كذلك بالمقداد بن الأسوَد -رضي اللَّه عنه-، لأن الأسود بن عبدِ يَغُوث كان قد تبّنَّاه في الجاهلية فصارَ يُنسب إليه، وغَلَبت عليه، واشتهر بذلك، فلمَّا نزلت: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} سورة الأحزاب آية (٥) قيل له: المِقداد بن عمرو.
(٢) لِيَتَوَصَّلا: أي أَرَيَاهُم أنهما معهم، حتى خرَجَا إلى المسلمين، وتوصَّلا: بمعنى تَوصَّلا وتَقَرَّبا. انظر النهاية (٥/ ١٦٨).
(٣) انظر تفاصيل هذه السَّرية في: سيرة ابن هشام (٢/ ٢٠٣) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٢٥٢) - البداية والنهاية (٣/ ٢٥٧) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ٩).
(٤) انظر فتح الباري (٨/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>