للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: حُصْهُ، فَحَاصَهُ (١)، وخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، . . . ثُمَّ انْطَلَقَا وتَرَكَانِي، وَفَرِقْتُ (٢) فَرَقًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالذِي لَقِيتُهُ، فأشْفَقَتْ عَلَيَّ أَنْ يَكُونَ أُلْبِسَ (٣) بِي، قَالَتْ: أُعِيذُكَ بِاللَّهِ، فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا، وَحَمَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، ورَكِبَتْ خَلْفِي حتَى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي، فقَالَتْ: أَوَأَدَّيْتُ أَمَانَتِي وذِمَّتِي؟ وحَدَّثَتْهَا بِالذِي لَقِيتُ، فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ، وقَالَتْ: إنِّي رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ" (٤).

وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أتَاهُ جِبْرِيلُ، وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءَ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ (٥)، ثُمَّ أَعَادَهُ في مَكَانِهِ، وجَاءَ الغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ يَعْنِي ظِئْرِهِ (٦)، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلْ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وهُوَ مُنْتَقِعُ (٧) اللَّوْنِ.


(١) حَاصَهُ: خَاطَهُ. انظر لسان العرب (٣/ ٣٩٤).
(٢) الفَرَقُ: بالتَّحريك الخوف والفزع. انظر النهاية (٣/ ٣٩٢).
(٣) أُلْبِسَ: أي خُولِطْتُ في عَقْلي. انظر النهاية (٤/ ١٩٦).
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٧٦٤٨) - والحاكم في المستدرك - رقم الحديث (٤٢٨٨) - وأورد الإمام الذهبي في سيرته (١/ ٥٢) - وصحح إسناده - وأخرجه ابن إسحاق في السيرة (١/ ٢٠٣) عن خالد بن معدان بسند حسن، وأورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٦٧٩) - وقال: وهذا إسناده جيد قوي.
(٥) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١/ ١٨٧): أي جمعه وضمَّ بعضه على بعض.
(٦) الظِّئْرُ: المُرْضِعَةُ غير ولدها. انظر النهاية (٣/ ١٤٠).
(٧) قال الإمام النووي في شرح مسلم (١/ ١٨٧): مُنْتَقِعُ اللون: أي مُتَغَيِّر اللون.

<<  <  ج: ص:  >  >>