للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ صُرِفَتِ القِبْلَةُ بَعْدُ (١).

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ (٢) قِبْلَةَ أبِيهِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلذَلِكَ كَانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِينَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ يَجْعَلُ الكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فيصِيبُ القِبْلَتَيْنِ مَعًا، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيح عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَالكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَعْدَمَا هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفَ إلَى الكَعْبَةِ (٣).

فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يَعُدْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، مِنَ الجَمْعِ بَيْنَ الكَعْبَةِ وَبَيْتِ المَقْدِسِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ مِمَّا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وطَرْفَه إِلَى السَّمَاءَ سَائِلًا اللَّهَ تَعَالَى ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (٤) وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (٥)، فتَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحْوَ الكَعْبَةِ.


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٢٥٢).
(٢) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الصلاة - باب التوجه نحو القبلة - رقم الحديث (٣٩٩) - عن البراء بن عازب -رضي اللَّه عنه- قال: . . . وكان رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحبُّ أن يُوجَّه إلى الكعبة.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٩٩١).
(٤) أخرج النسائي في السنن الكبرى بسند حسن - رقم الحديث (٥٦٧٤) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (٥٩٤٧) عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: "أوَّل ما نُسِخ من القُرآن القِبْلة".
(٥) سورة البقرة آية (١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>