للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَخَلَّفْ مِنْ أشْرَافِهَا أَحَدٌ، إِلَّا أَبُو لَهَبِ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، تَخَلَّفَ وبَعَثَ مَكَانَهُ العَاصِي بنَ هِشَامِ بنِ المُغِيرَةِ، وَكَانَ قَدْ لَاطَ (١) لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، أَفْلَسَ بِهَا، فَاسْتَأْجَرَهُ بِهَا عَلَى أَنْ يُجْزِيَ عَنْهُ بَعْثَهُ، فَخَرَجَ عَنْهُ، وَتَخَلَّفَ أَبُو لَهَبٍ.

وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يَتْرُكُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ، وَلَا مُسْلِمًا يَعْلَمُونَ إسْلَامَهُ، وَلَا أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَّا مَنْ لَا يتَّهِمُونَ، إِلَّا أخْرَجُوهُ مَعَهُمْ، فَكَانَ مِمَّنْ أُخْرِجَ كُرْهًا العَبَّاسُ بنُ عَبِدْ المُطَّلِبِ، ونَوْفَلُ بنُ الحَارِثِ، وَطَالِبٌ وَعَقِيل ابْنَا أَبِي طَالِبٍ.

وَأَرَادَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ القُعُودَ، وَكَانَ شَيْخًا جَلِيلًا (٢) ثَقِيلًا، فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَهُوَ جَالِسٌ في المَسْجِدِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِ، بِمِجْمَرَةٍ (٣) فِيهَا نَارٌ وَمُجْمَرٍ (٤) حَتَّى وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَيَّةُ! اسْتَجْمِرْ فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنَ النِّسَاءِ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَيَّةُ: قبَّحَكَ اللَّهُ وَقبَّحَ مَا جِئْتَ بِهِ (٥).


(١) لَاطَ له: أي أرْبَى له. قال أبو عبيد: وسُمي الرِّبا لِيَاطًا؛ لأنه ملصَقٌ بالبيعِ وليسَ ببيعٍ، وقيل: لأنه لاصقٌ بصاحبهِ لا يقضِيهِ ولا يُوضعُ عنه. انظر الرَّوْض الأُنُف (٣/ ٥١).
(٢) جَلِيل: أي مُسِنّ. انظر النهاية (١/ ٢٧٨).
(٣) المِجْمَر بكسر الميم: هو الذي يُوضع فيه النار للبخور. انظر النهاية (١/ ٢٨٣).
(٤) المُجْمَر بضم الميم: هو الذي يُتبَخَّر به وأُعِدّ له الجَمْرُ -وهو البخُور-. انظر النهاية (١/ ٢٨٣).
(٥) هذه رواية ابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢٢٢): أن الذي حَثَّ أمية على الخروج هو عقبة بن أبي معيط، وفي رواية البخاري في صحيحه - رقم الحديث (٣٩٥٠) - أن أبا جهل =

<<  <  ج: ص:  >  >>