للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا عَلِيُّ، نَادِ لِي حَمْزَةَ -وَكَانَ أقْرَبَهُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ-: مَنْ صَاحِبُ الجَمَلِ الأَحْمَرِ، وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ"؟ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنْ يَكُنْ في القَوْمِ أَحَدٌ يَأْمُرُ بِخَيْرٍ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الجَمَلِ الأَحْمَرِ"، فَجَاءَ حَمْزَةُ فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَنْهَى عَنِ القِتَالِ (١).

فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَنْهَى النَّاسَ عَنِ القِتَالِ قَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا لَأَعْضَضْتُهُ (٢)، قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا (٣).

وَفِي رِوَايَةِ ابنِ إِسْحَاقَ في السِّيرَةِ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: انتفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ (٤) حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، كَلَّا وَاللَّهِ لَا نَرْجعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى أَنَّ مُحَمَّدًا وأَصْحَابَهُ أَكْلَةُ جَزُورٍ (٥)، وَفيهِم ابْنُهُ، فَقَدْ تَخَوَّفكُمْ عَلَيْهِ (٦).

فَقَالَ عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ لِأَبِي جَهْلٍ: إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفَّرَ اسْتِهِ (٧)؟ سَتَعْلَمُ


(١) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٩٤٨).
(٢) العَضِيض: اللزوم، يُقال: عَضَّ عليه يَعَضُّ عَضِيضًا: إذا لَزِمه. انظر النهاية (٣/ ٢٢٩).
(٣) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٩٤٨) وإسناده صحيح.
(٤) انتَفَخَ سَحْرُه: أي رِئَتُكَ يقال ذلك للجَبَان. انظر النهاية (٢/ ٣١٢).
(٥) أرادَ لعنه اللَّه أن المعركة مع المسلمين سهلَةٌ كما تُأكل الجزور وهي الناقة.
(٦) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٣٥).
(٧) اسْتُهُ: أي مقعَدَتُه. انظر لسان العرب (٦/ ١٧٠) -وهذه الكلمة يا مصفَّر استِهِ: تقال للمُتَنَعِّم المُتْرف الذي لم تُحنكه التجارب والشدائد. انظر النهاية (٣/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>