للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَالِهِمَا فَلَا لِأَنَّ إحْدَاهُمَا قَدْ تَكُونُ غَنِيَّةً، وَالْأُخْرَى فَقِيرَةً فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا فِي النَّفَقَةِ، وَفِي الْغَايَةِ: اتَّفَقُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ فِي النَّفَقَةِ قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ فِي النَّفَقَةِ يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا عَلَى الْمُخْتَارِ فَكَيْفَ يَدَّعِي الِاتِّفَاقَ فِيهَا عَلَى التَّسْوِيَةِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْبِكْرُ كَالثَّيِّبِ، وَالْجَدِيدَةُ كَالْقَدِيمَةِ، وَالْمُسْلِمَةُ كَالْكِتَابِيَّةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَسْمِ لِإِطْلَاقِ مَا تَلَوْنَا وَمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» «وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأُمِّ سَلَمَةَ إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك وَسَبَّعْتُ لِنِسَائِي، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ لَك وَدُرْتُ» فَالْمُرَادُ التَّفْضِيلُ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْجَدِيدَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَحَادِيثَ مُحْتَمِلَةٌ فَلَمْ تَكُنْ قَطْعِيَّةَ الدَّلَالَةِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ، وَالْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِتَرَدُّدِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الْقَطْعِيَّةِ وَكَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَمُقَابِلَيْهِنَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ مِنْهَا، وَالْمَرِيضَةِ، وَالصَّحِيحَةِ، وَالرَّتْقَاءِ، وَالْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، وَالْمُحَرَّمَةِ، وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَمُقَابِلَاتِهِنَّ وَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ رَجْعِيًّا فَإِنْ قَصَدَ رَجْعَتَهَا قَسَمَ لَهَا وَإِلَّا لَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ بَابِ الرَّجْعَةِ وَأَمَّا النَّاشِزَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَسْمِ إنَّمَا هُوَ لِلصِّحَّةِ، وَالْمُؤَانَسَةِ دُونَ الْمُجَامَعَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ زَوْجٍ وَزَوْجٍ فَالْمَجْبُوبُ، وَالْعِنِّينُ، وَالْخَصِيُّ كَالْفَحْلِ وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا دَخَلَ بِامْرَأَتَيْهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لِحَقِّ النِّسَاءِ وَحُقُوقُ الْعِبَادِ تَتَوَجَّهُ عَلَى الصِّبْيَانِ عِنْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَقَالَ مَالِكٌ وَيَدُورُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ بِهِ عَلَى نِسَائِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ عِنْدَنَا وَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَتَرْكِهِ فَهَلْ يَأْثَمُ الْوَلِيُّ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَدْرِ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْثَمَ

وَفِي الْمُحِيطِ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الصَّغِيرُ بِهَا فَلَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَعَهَا اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى الْبَالِغِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ فِي كَوْنِهِ مَعَهَا فَائِدَةً وَلِذَا إنَّمَا قَيَّدُوا بِالدُّخُولِ فِي امْرَأَةِ الصَّبِيِّ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَلَا يَدْخُلُ بِاللَّيْلِ عَلَى الَّتِي لَا قَسْمَ لَهَا وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا بِالنَّهَارِ لِحَاجَةٍ وَيَعُودُهَا فِي مَرَضِهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا فَإِنْ ثَقُلَ مَرَضُهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تُشْفَى أَوْ تَمُوتَ اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ، وَالِاخْتِيَارْ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْوِيَةُ دُونَ طَرِيقِهِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ عَلَى صِرَافَتِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدُورَ سَنَةً سَنَةً مَا يَظُنُّ إطْلَاقُ ذَلِكَ لَهُ بَلْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُطْلِقَ لَهُ مِقْدَارَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَإِذَا كَانَ وُجُوبُهُ لِلتَّأْنِيسِ وَدَفْعِ الْوَحْشَةِ وَجَبَ أَنْ تُعْتَبَرَ الْمُدَّةُ الْقَرِيبَةُ وَأُظَنُّ أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ مُضَارَّةً إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِهِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِأَنَّهُ لَا مُضَارَّةَ حَيْثُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقَسْمِ لِأَنَّهَا مُطْمَئِنَّةٌ بِمَجِيءِ نَوْبَتِهَا، وَالْحَقُّ لَهُ فِي الْبُدَاءَةِ بِمِنْ شَاءَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَسْمِ فَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ لِلزَّوْجَةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِالْوَطْءِ لِأَنَّ حَلَّهُ لَهَا حَقُّهَا كَمَا أَنَّ حَلَّهَا لَهُ حَقُّهُ وَإِذَا طَالَبَتْهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَجِبُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ اهـ.

وَلَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَرَّةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا طَلَبَتْ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى شَهْوَتِهِ لَهَا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا أَحْيَانَا، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا شَهْرًا فَخَاصَمَتْهُ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ قَضَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا وَمَا مَضَى هَدَرٌ غَيْرَ أَنَّهُ أَثِمَ فِيهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ فِيهِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَلَوْ عَادَ بَعْدَمَا نَهَاهُ الْقَاضِي أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً وَأَمَرَهُ بِالْعَدْلِ لِأَنَّهُ أَسَاءَ الْأَدَبَ وَارْتَكَبَ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَوْرُ فَيُعَزَّرُ فِي ذَلِكَ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَإِذَا عُزِّرَ فَتَعْزِيرُهُ بِالضَّرْبِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ: لَا يُعَزَّرُ بِالْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَدْرَكُ الْحَقُّ فِيهِ بِالْحَبْسِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ اهـ. وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ لِلْقَاضِي.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى الْبَالِغِ) الْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِي نَفْيِ الْمُضَارَّةِ مُطْلَقًا نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ.

لَكِنْ نَقَلَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ التَّقْيِيدَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَذَا قَالَ فِي الرَّمْزِ لِلْمَقْدِسِيِّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى قَدْرِ عَيْنٍ فِيهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَمَنَعَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إلَّا بِإِذْنِ الْأُخْرَى اهـ.

قُلْت لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَلَاثَةً أَوْ سَبْعَةً وَعِنْدَ أُخْرَى كَذَلِكَ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَالسِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ.

وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ حَيْثُ قَالَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَلَ وَرُوِيَ عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ حِينَ دَخَلَ بِهَا إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك وَسَبَّعْتُ لَهُنَّ» اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>