للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ وَإِلَى الْخَيْرِ أَيْ عَنْ الدُّنْيَا أَوْ عَنْ الْبُهْتَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَنْتِ بَرِيئَةٌ عَنْ النِّكَاحِ، وَفِي الْكَافِي بَرِيئَةٌ مِنْ الْبَرَاءَةِ وَلِهَذَا وَجَبَ هَمْزُهَا.

(قَوْلُهُ: حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) تَمْثِيلٌ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالصُّورَةِ الْمُنْتَزِعَةِ مِنْ أَشْيَاءَ وَهِيَ هَيْئَةُ النَّاقَةِ إذَا أُرِيدَ إطْلَاقُهَا تَرْعَى وَهِيَ ذَاتُ رَسَنٍ وَأُلْقِيَ الْحَبْلُ عَلَى غَارِبِهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ السَّنَامِ، وَالْعُنُقِ كَيْ لَا تَتَعَقَّلَ بِهِ إذَا كَانَ مَطْرُوحًا فَشَبَّهَ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ الْإِطْلَاقِيَّةِ انْطِلَاقَ الْمَرْأَةِ مِنْ قَيْدِ النِّكَاحِ أَوْ الْعَمَلِ، وَالتَّصَرُّفِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ اُسْتُعِيرَ لِلْمَرْأَةِ وَجُعِلَ كِنَايَةً عَنْ طَلَاقِهَا أَيْ اذْهَبِي حَيْثُ شِئْت كَمَا يَذْهَبُ الْبَعِيرُ، وَفِي النَّوَادِرِ الْغَارِبُ أَعْلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ الْغَوَارِبُ (قَوْلُهُ: الْحَقِي بِأَهْلِك) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ يَعْنِي فَتُكْسَرُ الْهَمْزَةُ وَتُفْتَحُ الْحَاءُ مِنْ لَحِقَتْهُ وَلَحِقَتْ بِهِ مِنْ بَابِ تَعِبَ لَحَاقًا بِالْفَتْحِ أَدْرَكْته، وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَأَلْحَقْته بِالْأَلِفِ مِثْلُهُ فَعَلَى هَذَا لَا تَتَعَيَّنُ الْهَمْزَةُ لِلْوَصْلِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْقَطْعِ مَعَ كَسْرِ الْحَاءِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَالْحَقِي مِنْ اللُّحُوقِ لَا مِنْ الْإِلْحَاقِ وَانْتَقِلِي وَانْطَلِقِي كَالْحَقِي.

وَفِي الْقُنْيَةِ: قَالَتْ لِزَوْجِهَا تَغَيَّرَ لَوْنِي، فَقَالَ الزَّوْجُ: رَدَدْتُك بِهَذَا الْعَيْبِ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ قَالَ الْكَمَالُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ فِي الْهِبَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَطْلُقُ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا لَا يُصَدَّقُ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَمَا نَوَى فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَهِيَ زَوْجَتُهُ هَذَا إذَا ابْتَدَأَ الزَّوْجُ فَلَوْ ابْتَدَأْت فَقَالَتْ هَبْ طَلَاقِي تُرِيدُ أَعْرِضْ عَنْهُ فَقَالَ: وَهَبْت لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهُ جَوَابُهَا فِيمَا طَلَبَتْ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَقَعَ إذَا نَوَى لِأَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ وَنَوَى يَقَعُ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَقَدْ قَصَدَ عَدَمَ الْجَوَابِ وَأَخْرَجَ الْكَلَامَ ابْتِدَاءً وَلَهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَدْرَى بِنَفْسِهِ وَنِيَّتِهِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْحَقِي بِرُفْقَتِك يَقَعُ إذَا نَوَى.

(قَوْلُهُ: وَهَبْتُك لِأَهْلِك) يَحْتَمِلُ الْبَيْنُونَةَ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَقْبَلُوهَا لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ رَدَدْتُك إلَيْهِمْ فَتَصِيرُ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى وَهِيَ الْبَيْنُونَةُ الْحَقِي بِأَهْلِك وَمِثْلُهُ وَهَبْتُك لِأَبِيك أَوْ لِابْنِك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنَّهَا تُرَدُّ إلَى هَؤُلَاءِ بِالطَّلَاقِ عَادَةً وَخَرَجَ عَنْهُ مَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك لِلْأَجَانِبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِكِنَايَةٍ، وَالْأَخُ، وَالْأُخْتُ، وَالْعَمَّةُ، وَالْخَالَةُ مِنْ الْأَجَانِبِ هُنَا فَلَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ إلَيْهِمْ بِالطَّلَاقِ عَادَةً وَخَرَجَ عَنْهُ مَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك بَعْضَ طَلَاقِك فَإِنَّهُ لَيْسَ بِكِنَايَةٍ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَهَبْت لَك طَلَاقَك فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي الْقَضَاءِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ كَوْنَهُ فِي يَدِهَا إلَّا إذَا وَقَعَ جَوَابًا لِقَوْلِهَا هَبْ لِي طَلَاقِي فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى، وَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ قَالَ: أَبَحْتك طَلَاقَك لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى، وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَهَبْت نَفْسَك مِنْك يَقَعُ إذَا نَوَى.

(قَوْلُهُ: سَرَّحْتُك فَارَقْتُك) وَجَعَلَهُمَا الشَّافِعِيُّ مِنْ الصَّرِيحِ لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ لِلطَّلَاقِ كَثِيرًا قُلْنَا الْمُعْتَبَرُ تَعَارُفُهُمَا فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ فِي الطَّلَاقِ لِاسْتِعْمَالِهِمَا شَرْعًا مُرَادًا هُوَ بِهِمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْكَافِي وَلَنَا الصَّرِيحُ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ وَهُمْ يَقُولُونَ سَرَحَتْ إبِلِي وَفَارَقَتْ غَرِيمِي وَمَشَايِخُ خُوَارِزْمَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَانُوا يُفْتُونَ بِأَنَّ لَفْظَ التَّسْرِيحِ بِمَنْزِلَةِ الصَّرِيحِ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ بِدُونِ النِّيَّةِ كَذَا فِي الْمُجْتَنَى، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ: أَنْت السَّرَاحُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ اُعْزُبِي، وَفِي الْقُنْيَةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْفُرْقَةِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا.

قَوْلُهُ: أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي) كِنَايَتَانِ لِلتَّفْوِيضِ فَإِذَا نَوَى تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْهَا كَانَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنْت حُرَّةٌ) عَنْ حَقِيقَةِ الرِّقِّ أَوْ عَنْ رِقِّ النِّكَاحِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَعْتَقْتُك مِثْلُ أَنْتِ حُرَّةٌ، وَفِي الْبَدَائِعِ كُونِي حُرَّةً أَوْ اعْتِقِي مِثْلُ أَنْتِ حُرَّةٌ كَكُونِي طَالِقًا مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ.

(قَوْلُهُ: تَقَنَّعِي تَخَمَّرِي اسْتَتِرِي) لِأَنَّك بِنْتِ وَحَرُمْت عَلَيَّ بِالطَّلَاقِ أَوْ لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْك أَجْنَبِيٌّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ قِنَاعُ الْمَرْأَةِ جَمْعُهُ قُنُعٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ وَتَقَنَّعَتْ لَبِسَتْ الْقِنَاعَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: قَالَ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ ثُمَّ فِي الْهِبَةِ. . . إلَخْ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ فَإِنَّ مَحَلَّ ذِكْرِهِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>