للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرْأَةُ قَبِلْت تَمَّ الْخُلْعُ فِي رِوَايَةٍ، وَلَمْ يَتِمَّ فِي أُخْرَى، وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرِي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَفِي النَّوَادِرِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا اشْتَرَيْت مِنِّي ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ مَا لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ بِعْت، وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ دُونَ الْمُسَاوَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرُ بِالْخُلْعِ، وَالْخُلْعُ مُعَاوَضَةٌ فَلَا يَتِمُّ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كُلُّ طَلَاقٍ وَقَعَ بِشَرْطٍ لَيْسَ بِمَالٍ فَهُوَ رَجْعِيٌّ، وَفِيهِ أَنَّ الْقَبُولَ فِي الْمُعَلَّقِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَفِي الْكَافِي الْقَبُولُ فِي الْمُضَافِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ، وَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عَدَمٌ قَبْلَ الشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ قَبْلَ الْإِيجَابِ. اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْقَبُولِ فِي الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفٍ فَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَفَعَلَتْ صَحَّ الْخُلْعُ، وَفِي الْوَجِيزِ كَمَا فِي الْكَافِي، وَأَقُولُ: لَوْ قِيلَ بِصِحَّةِ الْقَبُولِ فِي الْمُضَافِ قَبْلَ وُجُودِ الْوَقْتِ لِانْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ عِنْدَنَا، وَبِعَدَمِ صِحَّتِهِ فِي الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ لَكَانَ حَسَنًا لِتَخْرِيجِهِ عَلَى الْأُصُولِ، وَفِي الْمُجْتَبَى بَاعَ طَلَاقَهَا مِنْهَا بِمَهْرِهَا فَهُوَ بَرَاءَةٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَيُشْتَرَطُ فِي قَبُولِهَا عِلْمُهَا بِمَعْنَاهُ.

فَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَلِعِي نَفْسَك بِكَذَا ثُمَّ لَقَّنَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ حَتَّى قَالَتْ اخْتَلَعْتُ، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ بِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ مَا لَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَالْإِسْقَاطُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَوْلُهَا فَعَلْت فِي جَوَابِ قَوْلِهِ خَلَعْت نَفْسَك مِنِّي بِكَذَا لَيْسَ بِقَبُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ مُجِيبًا لَهَا أَنْت طَالِقٌ صَارَ كَقَوْلِهِ خَلَعْتُك لِأَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا فَيُجْعَلُ جَوَابًا لَهَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك طَلَاقَك بِمَهْرِك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بَانَتْ مِنْهُ بِمَهْرِهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا اشْتَرَيْت لِأَنَّهُ يَصِحُّ جَوَابًا، وَيَصِحُّ ابْتِدَاءً فَيُجْعَلُ جَوَابًا لَهَا، وَقِيلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ طَلَّقْت لَزِمَهَا الْمَالُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ مَالٍ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً فَقَالَتْ اشْتَرَيْت يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَجَّانًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا بِعْت نَفْسَك مِنْك فَقَالَتْ اشْتَرَيْت يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِأَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ، وَهِيَ بَائِنَةٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا بِعْت مِنْك أَمْرَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَزِمَهَا الْمَالُ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا الطَّلَاقَ بِالْمَالِ فَإِذَا اخْتَارَتْ فَقَدْ تَمَلَّكَتْ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَقَدْ بِعْت طَلَاقَهَا مِنْك بِدِرْهَمٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَالْقَبُولُ إلَيْهَا بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَإِنْ قَبِلَتْ بَعْدَ التَّزَوُّجِ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَّقَتْهَا يَقَعُ، وَإِنْ قَبِلَتْ قَبْلَهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ الزَّوْجِ خُلْعٌ بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ.

وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ بِعْت مِنْك مَهْرِي، وَنَفَقَةَ عِدَّتِي فَقَالَ اشْتَرَيْت فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَا بَاعَ نَفْسَهَا، وَلَا طَلَاقَهَا مِنْهَا إنَّمَا اشْتَرَى مَهْرَهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ طَلَاقًا لَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمَعْقُودِ لِلْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا رِوَايَةٌ، وَلَا جَوَابٌ شَافٍ

ــ

[منحة الخالق]

الْغَالِبَ كَوْنُهُ بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كُلُّ طَلَاقٍ وَقَعَ بِشَرْطٍ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفٍ فَدَخَلَتْ الدَّارَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَلْفٍ يُرِيدُ بِهِ إذَا قَبِلَتْ عِنْدَ الدُّخُولِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ فِي الْبَابِ الْمَعْقُودِ إلَى قَوْلِهِ آخِرَهَا) أَيْ آخِرَ الْقُنْيَةِ وَهُوَ مَذْكُورٌ آخِرَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا هَذَا، وَقَدْ نَقَلَ الرَّمْلِيُّ عَنْهَا زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِرَمْزِ اسنع دبس أَنَّ الْوَاقِعَ فِيهَا رَجْعِيٌّ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الرَّجْعِيِّ، وَمُقَابَلَتُهُ بِالْمَالِ لَا تُغَيِّرُهُ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ فَرَاجِعْهُ اهـ.

قُلْت قَدْ رَاجَعْت النُّسْخَةَ الَّتِي عِنْدِي فَلَمْ أَرَ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْهَا، وَكَذَا رَاجَعْت غَيْرَ ذَلِكَ الْبَابِ مِنْ مَظَانِّ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فَلَعَلَّ نُسْخَتَهُ فِيهَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْت فِي ذَلِكَ آخِرَ الْحَاوِي لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ اسنع دبس، وَالْوَاقِعُ فِيهَا رَجْعِيٌّ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ لِاتِّفَاقِهِمَا وَتَرَاضِيهِمَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَمُقَابَلَتِهِ بِالْمَالِ بَعْدَمَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالرَّجْعِيِّ لَا بِغَيْرِهِ.

وَذَكَرَ الْمَصْدَرَ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا وَاحِدًا فَالْوَاقِعُ بِهِ رَجْعِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِالرَّجْعِيَّةِ، وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهَا، وَعِنْدَ اتِّفَاقِهِمَا وَرِضَاهُمَا بِالرَّجْعِيَّةِ وَتَوْصِيفِهِ بِهَا بِالطَّرِيقِ الْأُولَى أَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ رَجْعِيٌّ، وَلَمَّا كَانَ الْوَاقِعُ بِهِ رَجْعِيًّا فَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْإِبْرَاءُ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزِّيَادَاتِ فَهِيَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ طَالِبَةً مِنْهُ طَلْقَتَيْنِ بَائِنَتَيْنِ بِأَلْفٍ فَتُغَيِّرُ مُقَابَلَةُ الْمَالِ مَا وَصَفَهُ الزَّوْجُ مِنْ الرَّجْعِيِّ إلَى مَا طَلَبَتْهُ مِنْ الْبَائِنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِلُزُومِ الْأَلْفِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَيَلْغُو مَا وَصَفَهُ بِهِ بِمُقَابَلَتِهِ، وَلِأَنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، وَالْعِوَضُ يَسْتَلْزِمُ الْمُعَوَّضَ، وَلَوْ وَقَعَ رَجْعِيًّا يَلْغُو مَعْنَى الْبَاءِ لِلَغْوِ الْمُعَوَّضِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِاسْتِلْزَامِ وُجُودِ الْعِوَضِ، وَهُوَ لُزُومُ الْأَلْفِ وُجُودَ الْمُعَوَّضِ، وَهُوَ انْصِرَامُ النِّكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>