للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّمْدَاءُ وَالْخُنْثَى وَذَاهِبُ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرِ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَمَقْطُوعُ الْأَنْفِ وَالشَّفَتَيْنِ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَكْلِ وَالْأَصَمُّ الَّذِي يَسْمَعُ إذَا صِيحَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَوَرِ وَأَرَادَ بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقَ، وَكَذَا الْمَعْتُوهُ الْمَغْلُوبُ كَمَا فِي الْكَافِي؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقْلِ أَصْلِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عِتْقُهُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَأَطْلَقَهُ وَمُرَادُهُ إذَا أَعْتَقَهُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا هُنَا فَوَاتَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا كَمَالَ الزِّينَةِ وَاعْتَبَرُوهُ فِي الدِّيَاتِ فَأَلْزَمُوا بِقَطْعِ الْأُذُنَيْنِ الشَّاخِصَتَيْنِ تَمَامَ الدِّيَةِ وَجَوَّزُوا هُنَا عِتْقَ مَقْطُوعِهِمَا إذَا كَانَ السَّمْعُ بَاقِيًا وَمِثْلُهُ فِيمَنْ حُلِقَتْ لِحْيَتُهُ فَلَمْ تَنْبُتْ لِفَسَادِ الْمَنْبَتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ كَمَالَ الزِّينَةِ مَقْصُودٌ فِي الْحُرِّ فَبِاعْتِبَارِ فَوَاتِهِ يَصِيرُ الْحُرُّ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ وَزَائِدٌ عَلَى مَا يُطْلَبُ مِنْ الْمَمَالِيكِ فَبِاعْتِبَارِ فَوَاتِهِ لَا يَصِيرُ الْمَرْقُوقُ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

فَإِنْ قُلْت إنَّ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ فَاتَ فِي الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنِيَّ فَلَا نَسْلَ لَهُمَا قُلْت قَالَ فِي الْمُحِيطِ إنَّهُ لَمْ يَفُتْ خُرُوجُ الْبَوْلِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ النَّسْلِ عَائِدَةٌ إلَى الْعَبْدِ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمَوْلَى فِي كَوْنِ عَبْدِهِ فَحْلًا بَلْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى بِالْخَصْيِ وَالْجَبِّ فَلَمْ تَصِرْ الرَّقَبَةُ هَالِكَةً مِنْ وَجْهٍ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّ مَنْفَعَةَ النَّسْلِ زَائِدَةٌ عَلَى مَا يُطْلَبُ مِنْ الْمَمَالِيكِ وَهَاهُنَا فَرْعٌ حَسَنٌ مِنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا وَقَالَ اشْتَرِ لِي جَارِيَةً بِكَذَا أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي وَاشْتَرَى عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَزِمَ الْآخَرُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ لَا يَجُوزُ تَحْرِيرُهُمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْحُرِّيَّةَ بِجِهَةٍ فَكَانَ الرِّقُّ فِيهِمَا نَاقِصًا وَالْإِعْتَاقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الرِّقِّ كَالْبَيْعِ فَلِذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَالْمُكَاتَبُ لَمَّا كَانَ الرِّقُّ فِيهِ كَامِلًا جَازَ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا وَلَا عِبْرَةَ هُنَا بِكَمَالِ الْمِلْكِ وَنُقْصَانِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ نُقْصَانُ الْمِلْكِ نُقْصَانَ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمِلْكِ أَعَمُّ مِنْ مَحَلِّ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِي الْأَمْتِعَةِ وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ دُونَ الرِّقِّ وَبِالْبَيْعِ يَزُولُ الْمِلْكُ دُونَ الرِّقِّ وَالْإِعْتَاقُ يُزِيلُهُمَا وَإِنَّمَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ دُونَ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ تَقْتَضِي مِلْكًا كَامِلًا لَا رِقًّا كَامِلًا وَالْمِلْكُ فِيهِمَا كَامِلٌ حَتَّى مَلَكَ أَكْسَابَهُمَا وَاسْتِخْدَامَهُمَا وَوَطِئَ الْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ، وَالْمِلْكُ فِي الْمُكَاتَبِ نَاقِصٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ يَدًا وَلِذَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى كَسْبَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الرِّقِّ فَجَازَ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ وَإِعْتَاقِهِ عَنْهَا وَانْعَكَسَ فِيهِمَا وَحِلُّ الْوَطْءِ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الْمِلْكِ فَحَرُمَ فِي الْمُكَاتَبِ وَانْعَكَسَ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي أَدَّى شَيْئًا) أَيْ: لَا يَجُوزُ تَحْرِيرُهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ بِعِوَضٍ وَذَكَرَ فِي الِاخْتِيَارِ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَبْرَأَهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ أَوْ وَهَبَهُ عَتَقَ فَلَوْ قَالَ: لَا أَقْبَلُ صَحَّ عِتْقُهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِبَدَلٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ عَنْهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْبَعْضِ صَحَّ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُعَلَّقٌ بِأَدَاءِ كُلِّ الْبَدَلِ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْبَعْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَا فِي الْكِتَابِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ أَدَّى شَيْئًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ وَهِيَ الْحِيلَةُ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْتِقَ مُكَاتَبَهُ بَعْدَ أَدَاءِ الْبَعْضِ كَمَا فِي الْيَنَابِيعِ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَنْهَا عَلَى جُعْلٍ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا فَإِنْ وُهِبَ لَهُ الْجُعْلُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ نَاوِيًا بِالشِّرَاءِ الْكَفَّارَةَ أَوْ حَرَّرَ نِصْفَ عَبْدِهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ ثُمَّ حَرَّرَ بَاقِيَهُ عَنْهَا صَحَّ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الرِّقَّ فِيهِ كَامِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ فِيهِ نَاقِصًا وَجَوَازُ الْإِعْتَاقِ عَنْهَا يَعْتَمِدُ كَمَالَ الرِّقِّ لَا كَمَالَ الْمِلْكِ أَشَارَ إلَى أَنَّ عِتْقَ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَنْهَا جَائِزٌ بِالْأَوْلَى لِوُجُودِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ فَاتَتْ الْيَدُ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَغَيْرِ الْآدَمِيِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْأَمْتِعَةِ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَ عَنْ الْكَفَّارَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَعْنِي لَوْ أَبْرَأَهُ نَاوِيًا بِذَلِكَ الْعِتْقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْإِبْرَاءَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ رَدَّ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنَّ صِحَّةَ نِيَّتِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْإِبْرَاءِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ وَعِنْدِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ إنَّمَا اقْتَرَنَتْ بِالشَّرْطِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ الْمُتَضَمِّنُ لِلِاسْتِيفَاءِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ يَنْوِي بِهِ الْكَفَّارَةَ لَا يَجُوزُ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِي لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِالْعِلَّةِ وَهِيَ الْيَمِينُ فَإِنْ قُلْتَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِي فَأَبْرَأَهُ يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ قُلْتَ لَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِهِمْ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي

<<  <  ج: ص:  >  >>