للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْفَسِخُ بِإِعْتَاقِهِ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ لَكِنْ قَالُوا إنَّ الِانْفِسَاخَ ضَرُورِيٌّ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ جَوَازُ التَّكْفِيرِ فَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالنَّظَرِ إلَى جَوَازِهِ لَا مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَوْلَادَ وَالْأَكْسَابَ سَالِمَةٌ لَهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ مَاتَ وَلَهُ مُكَاتَبٌ فَأَعْتَقَهُ وَارِثُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا كَمَا نَقَلَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ قَالَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ فِيهِ ضَعِيفًا اهـ.

وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لِبَقَاءِ الْكِتَابَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا مِلْكَ لِلْوَارِثِ فِيهِ بِخِلَافِ سَيِّدِهِ حَالَ الْكِتَابَةِ وَإِنَّمَا جَازَ إعْتَاقُ الْوَارِثِ لَهُ لِتَضَمُّنِهِ الْإِبْرَاءَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ الْمُقْتَضِي لِلْإِعْتَاقِ، وَأَمَّا الثَّانِي أَعْنِي مَا إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ أَيْ: مَحْرَمَهُ نَاوِيًا بِالشِّرَاءِ الْكَفَّارَةَ وَمُرَادُهُ مَا إذَا دَخَلَ مَحْرَمُهُ فِي مِلْكِهِ بِصُنْعٍ مِنْهُ فَنَوَى وَقْتَ الْمِلْكِ عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَجْزَأَهُ شِرَاءً كَانَ أَوْ هِبَةً أَوْ قَبُولَ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةً فَخَرَجَ الْإِرْثُ فَلَوْ نَوَى وَقْتَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ إعْتَاقَهُ عَنْهَا لَمْ يَجُزْ عَنْهَا لِعَدَمِ الصُّنْعِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ النِّيَّةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الصُّنْعِ لَمْ يَجُزْ عَنْهَا وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ عِتْقِ الْقَرِيبِ لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ أَبَاهُ فَيُعْتِقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ عَنْ ظِهَارِهِ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ يُعْتَقُ كَمَا اشْتَرَاهُ وَيُجْزِيهِ عَنْ ظِهَارِ الْآمِرِ اهـ.

فَمَبْنِيٌّ عَلَى إلْغَاءِ قَوْلِهِ بَعْدَ شَهْرٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَشْرُوعَ وَهُوَ عِتْقُ الْمَحْرَمِ عِنْدَ الشِّرَاءِ.

وَأَشَارَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ إلَى اشْتِرَاطِ قِرَانِهَا بِعِلَّةِ الْعِتْقِ لِكَوْنِ الشِّرَاءِ عِلَّةً لِعِتْقِ الْقَرِيبِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ نَاوِيًا كَوْنَهُ عَنْ الظِّهَارِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْهُ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِقَوْلِهِ عَنْ ظِهَارِي أَوْ يَنْوِيَ فَلَوْ نَوَى وَقْتَ التَّعْلِيقِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ نَوَى أَنْ يَكُونَ عَنْ كَفَّارَةِ قَتْلِهِ كَانَ عَنْ الظِّهَارِ، وَكَذَا لَوْ نَوَى وَقْتَهُ أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنْوِيَّ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ثُمَّ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِ فُلَانَةَ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِ الْأُولَى اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فِي إعْتَاقِهِ عَبْدَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ إعْتَاقِ الْمَأْمُورِ أَنْ يَكُونَ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَهُمَا مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْإِحْصَارِ لَوْ بَعَثَ الْمُحْصَرُ بِهَدْيِ الْإِحْصَارِ ثُمَّ زَالَ وَحَدَثَ آخَرُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْهَدْيَ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ لِإِحْصَارِهِ الثَّانِي جَازَ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ خَمْسَةَ أَصْوُعِ طَعَامٍ لِرَجُلٍ وَأَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ عَلَى عَشْرَةِ مَسَاكِينَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ فَلَمْ يَتَصَدَّقْ حَتَّى كَفَّرَ الْآمِرُ وَحَنِثَ فِي أُخْرَى ثُمَّ تَصَدَّقَ الْمَأْمُورُ جَازَ عَنْ الثَّانِيَةِ إذَا نَوَاهَا الْآمِرُ، وَكَذَا لَوْ بَعَثَ هَدْيًا لِجَزَاءِ صَيْدٍ ثُمَّ أُحْصِرَ فَنَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْإِحْصَارِ، وَلَوْ قَلَّدَ بَدَنَةً وَأَوْجَبَهَا تَطَوُّعًا ثُمَّ أُحْصِرَ فَنَوَى أَنْ تَكُونَ لِإِحْصَارِهِ جَازَ اهـ. .

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمُعَلَّقَ هُنَا عِلَّةً لِلْعِتْقِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَنْ لَا تَصِحَّ النِّيَّةُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَالْحُكْمُ فِيهَا بِالْعَكْسِ وَجَوَابُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ أَيْ: مَنْ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ نَاوِيًا عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الِاسْتِيلَادُ وَلَمْ تُقَارِنْهُ النِّيَّةُ وَأَمَّا الثَّالِثُ أَعْنِي مَا إذَا حَرَّرَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ حَرَّرَ بَاقِيَهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلِكَوْنِهِ أَعْتَقَ رَقَبَةً كَامِلَةً بِكَلَامَيْنِ وَالنُّقْصَانُ مُتَمَكِّنٌ عَلَى مِلْكِهِ بِسَبَبِ التَّحْرِيرِ عَنْهَا وَمِثْلُهُ غَيْرُ مَانِعٍ كَمَنْ أَضْجَعَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَأَصَابَتْ السِّكِّينُ عَيْنَهَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ حَرَّرَ بَاقِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَرَّرَ نِصْفًا آخَرَ مِنْ رَقَبَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ فَلَا يَجُوزُ تَكْمِيلُ الْعِتْقِ بِالْعِتْقِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَأَمَّا تَكْمِيلُهُ بِالْإِطْعَامِ كَمَا لَوْ حَرَّرَ عَنْهَا نِصْفَ عَبْدٍ وَأَطْعَمَ عَنْ الْبَاقِي لَمْ يَجُزْ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَأَدَّى بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ أَوْ بِإِطْعَامِ مَسَاكِينَ مُقَدَّرَةٍ وَلَمْ

ــ

[منحة الخالق]

أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِبَدَلٍ وَإِنْ قَبِلَهُ صَحَّ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِ فُلَانَةَ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فِي إعْتَاقِهِ إلَخْ) نَقَلَهُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ جَازِمًا بِهِ

(قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) نَقَلَهُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْلَ الشَّرْطِ بِعَرْضِيَّتِهِ أَنْ يَصِيرَ عِلَّةً اُعْتُبِرَ لَهُ حُكْمُ الْعِلَّةِ حَتَّى اُعْتُبِرَتْ الْأَهْلِيَّةُ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا فَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ، وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَمْ يُعْتَبَرْ أَصْلًا فَلِذَا يَجِبُ أَنْ تُعْتَبَرَ النِّيَّةُ عِنْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>