للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَتَكْمِيلُ الْعِتْقِ بِالْعِتْقِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ تَكْمِيلُهُ بِالتَّمْلِيكِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْلَى وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَهُمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَصَارَ مُعْتِقًا لِلْكُلِّ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا بِالْإِطْعَامِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ حَرَّرَ عَبْدَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَخْلِيصُهَا عَنْ الرِّقِّ وَهُوَ مَا حَرَّرَ رَقَبَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَصْرِفْ الْعِتْقَ إلَى شَخْصٍ بَلْ حَرَّرَ نِصْفًا مِنْ كُلِّ رَقَبَةٍ كَمَا لَوْ فَرَّقَ طَعَامَ مِسْكِينٍ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ شَاتَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَذَبَحَاهُمَا عَنْ نُسُكِهِمَا أَجْزَأَهُمَا؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي النُّسُكِ جَائِزٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي بَابِ النُّسُكِ مِقْدَارُ الشَّاةِ وَقَدْ وُجِدَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَرَّرَ بَاقِيَهُ مَا إذَا لَمْ يُحَرِّرْ بَاقِيَهُ أَصْلًا فَإِعْتَاقُ النِّصْفِ لَا يَكْفِي عَنْهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَمَّا أَعْتَقَ النِّصْفَ عَتَقَ الْكُلُّ بِلَا سِعَايَةٍ فَأَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ وَإِنْ حَرَّرَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَضَمِنَ بَاقِيَهُ أَوْ حَرَّرَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ وَطِئَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ حَرَّرَ بَاقِيَهُ لَا) أَيْ: لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ نَصِيبَ صَاحِبِهِ قَدْ انْتَقَصَ عَلَى مِلْكِهِ لِتَعَذُّرِ بَاقِيهِ لِاسْتِدَامَةِ الرِّقِّ فِيهِ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ بِالضَّمَانِ وَمِثْلُهُ يَمْنَعُ الْكَفَّارَةَ كَالتَّدْبِيرِ وَالْمُرَادُ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ إعْتَاقُ النِّصْفِ الْآخَرِ بَعْدَ التَّضْمِينِ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الضَّمَانِ لَا يَكْفِي لِوَضْعِ الْمَسْأَلَةِ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَسَعَى الْعَبْدُ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ حَتَّى عَتَقَ كُلُّهُ لَا يُجْزِيهِ عَنْهَا بِالْأَوْلَى، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا ضَمِنَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ أَجْزَأَهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ بِإِعْتَاقِ الْبَعْضِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يُجْزِئُهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِعِوَضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَدَلُ حَاصِلًا لِلْمُعْتِقِ بَلْ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَانِعُ أَنْ يَلْزَمَ الْعَبْدَ بَدَلٌ فِي مُقَابَلَةِ تَحْرِيرِ رَقَبَتِهِ، وَفِي الْكَافِي فَإِنْ قِيلَ الْمَضْمُونَاتُ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ فَصَارَ نَصِيبُ السَّاكِتِ مِلْكًا لِلْمُعْتِقِ زَمَانَ الْإِعْتَاقِ فَكَانَ النُّقْصَانُ فِي مِلْكِهِ لَا فِي مِلْكِ شَرِيكِهِ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي الْمَضْمُونِ يَثْبُتُ بِصِفَةِ الِاسْتِنَادِ فِي حَقِّ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ لَهُ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَتَمَكَّنَ النُّقْصَانُ فِي نَصِيبِ السَّاكِتِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَالْكَفَّارَةُ غَيْرُهُمَا فَلَمْ تَجُزْ اهـ. .

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّقْصَانَ إنْ كَانَ عَلَى مِلْكِ الْمُعْتِقِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ التَّعْيِيبَ ضَرُورَةُ إقَامَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَيْسَ كَالتَّعْيِيبِ بِصُنْعِهِ مُخْتَارًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ فَقَأَ عَيْنَ الشَّاةِ مُخْتَارًا عِنْدَ الذَّبْحِ نَقُولُ لَا يُجْزِئُهُ فَكَانَ الْمُشْتَرَكُ أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ مِنْ الْعَبْدِ الْمُخْتَصِّ؛ لِأَنَّ مَالِكَ النِّصْفِ لَا يَقْدِرُ عَلَى عِتْقِهِ إلَّا بِطَرِيقِ عِتْقِ نِصْفِهِ فَحَالُهُ أَشْبَهُ بِذَابِحِ الشَّاةِ مِنْ مَالِكِهِ عَلَى الْكَمَالِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِ إقَامَةِ الْوَاجِبِ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي عَدَمِ مَانِعِيَّتِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْوَاجِبِ إلَّا كَذَلِكَ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَطْلَقَ لَهُ الْعِتْقَ بِمَرَّةٍ وَمَرَّةٍ كَانَ لَازِمُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ النَّقْصُ بِسَبَبِهِ مُطْلَقًا لَا يَمْنَعُ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَوْلُ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ مُتَجَزِّئًا عَنْهُ وَشَرْطُ الْإِعْتَاقِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَسِيسِ بِالنَّصِّ وَإِعْتَاقُ النِّصْفِ حَصَلَ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إعْتَاقُ النِّصْفِ إعْتَاقٌ لِلْكُلِّ فَحَصَلَ الْكُلُّ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ الْمَسِيسِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ الثَّانِي وَبَطَلَ إعْتَاقُ ذَلِكَ النِّصْفِ عَنْهَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُعْتِقُ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ وَأَيَّامٌ مَنْهِيَّةٌ) أَيْ: إنْ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَةً وَلَا ثَمَنَهَا فَاضِلًا عَنْ قَدْرِ كِفَايَتِهِ؛ لِأَنَّ قَدْرَهَا مُسْتَحَقُّ الصَّرْفِ فَصَارَ كَالْعَدَمِ فَمَنْ لَهُ خَادِمٌ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ؛ لِأَنَّهُ كَلِبَاسِهِ وَلِبَاسِ أَهْلِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخِزَانَةِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ الثَّانِي وَبَطَلَ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ قَبْلَ قَوْلِهِ بَطَلَ وَعِبَارَةُ الْغَايَةِ لِلْأَكْمَلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ قَبْلَ الْمَسِيسِ الثَّانِي فَصَارَ إعْتَاقُ نِصْفِ الْعَبْدِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَكَأَنَّهُ قَدْ جَامَعَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُعَاوِدَ حَتَّى يُكَفِّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>