للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَمِنًا فَيَجُوزُ اهـ.

وَالضَّمِيرُ فِي يَكُنْ يَعُودُ ظَاهِرًا إلَى الْمَوْلَى، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَنْ مَلَكَ رَقَبَةً لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعْتِقُهَا، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ زَمِنًا فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ فِي كَلَامِ الْجَوْهَرَةِ لِلْعَبْدِ وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بِحَالٍ لَا يُجْزِئُ عَنْهَا وَمِنْ الْكِفَايَةِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ لِلْقُوتِ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَرِفًا فَقُوتُ يَوْمِهِ وَاَلَّذِي لَا يَعْمَلُ قُوتُ شَهْرٍ، وَفِي الْمُحِيطِ مُعْسِرٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ أَوْ عَبْدٌ غَائِبٌ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ يُرِيدُ بِالْغَائِبِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إعْتَاقِهِ فَأَمَّا الدَّيْنُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ مَدْيُونِهِ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ فَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ، أَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ.

وَكَذَلِكَ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ عَلَى عَبْدٍ وَزَوْجُهَا قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ إذَا طَالَبَتْهُ بِذَلِكَ وَوَجَبَ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ لَمْ يُجْزِهَا الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَوَجَبَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ بَعْدَ مَا قَضَى دَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَالِ فَأَمَّا قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَقِيلَ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَّلَ وَقَالَ بِأَنَّهُ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَالَهُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ حُكْمًا لِكَوْنِهِ مُسْتَحَقَّ الصَّرْفِ إلَى الدَّيْنِ كَالْمَاءِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْعَطَشِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ الصَّوْمَ بِمَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَدْيُونِ فِي مَالِهِ كَامِلٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ جَمِيعَ التَّصَرُّفِ فِيهِ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ رَقَبَةٌ صَالِحَةٌ لِلتَّكْفِيرِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيرُهَا سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ حَقِيقَةً اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ تَحْرِيرَ الرَّقَبَةِ الْمَوْجُودَةِ وَيَمْنَعُ وُجُوبَ شَرَائِطِهَا بِمَالٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ لِامْرَأَتَيْنِ وَفِي مِلْكِهِ رَقَبَةٌ فَقَطْ فَصَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِ الْأُخْرَى هَلْ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ عَنْ الْأُولَى قُلْت لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَلَكِنْ فِي الْمُحِيطِ فِي نَظِيرِهِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا يَمِينٍ وَعِنْدَهُ طَعَامٌ يَكْفِي لِإِحْدَاهُمَا فَصَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَطْعَمَ عَنْ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ صَامَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ فَلَا يُجْزِئُهُ اهـ.

وَبِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ مَنْ لَهُ عَبْدٌ غَائِبٌ فِي مِلْكِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ ظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيّ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ اسْتِنْبَاطًا مِنْ تَعْبِيرِهِ تَعَالَى بِعَدَمِ الْوُجُودِ عِنْدَ الِانْتِقَالِ إلَى الصَّوْمِ وَبِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عِنْدَ الِانْتِقَالِ إلَى الْإِطْعَامِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَلَا يَصُومُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَإِنَّهُ يُطْعِمُ وَلَا يَنْتَظِرُ الصِّحَّةَ لِيَصُومَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِنَا أَيْضًا فِي الصَّوْمِ لَا فِي الْإِطْعَامِ لِمَا سَيَأْتِي وَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَعَمَّ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ قَدْرِ مَا يَشْتَرِي بِهِ وَأَرَادَ بِالْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ الْخَمْسَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهِيَ يَوْمَا الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ بِسَبَبِ النَّهْيِ فِيهَا نَاقِصٌ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْكَامِلُ وَشَهْرُ رَمَضَانَ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ لَا يَسَعُ غَيْرَ فَرْضِ الْوَقْتِ قَيَّدْنَا بِالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَصُومَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ، وَفِي الْمَرِيضِ رِوَايَتَانِ كَمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْأَمْرِ، وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى نَفْيِ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمَا وَقْتٌ نَذَرَ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ الْمُعَيَّنَ إذَا نَوَى فِيهِ وَاجِبًا آخَرَ وَقَعَ عَمَّا نَوَى بِخِلَافِ رَمَضَانَ كَمَا عُلِمَ فِي الصَّوْمِ.

وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَوْ دَخَلَتْ عَلَى الصَّوْمِ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ صَامَهَا أَوْ لَا لِإِمْكَانِ وُجُودِ شَهْرَيْنِ يَصُومُهُمَا خَالِيَيْنِ عَنْهَا فَلِذَا قَطَعَ النِّفَاسُ وَالْمَرَضُ التَّتَابُعَ وَكَانَ حَيْضُهَا غَيْرَ قَاطِعٍ لِصَوْمِ كَفَّارَتِهَا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِكَفَّارَةِ قَتْلِهَا وَفِطْرِهَا فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِدُ شَهْرَيْنِ خَالِيَيْنِ عَنْ حَيْضِهَا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّهَا تَجِدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَالِيَةً عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت الْفَرْقَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْبَدَائِعِ عَلَيْهَا أَنْ تَصِلَ أَيَّامَ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْحَيْضِ بِمَا قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ تَصِلْ وَأَفْطَرَتْ يَوْمًا بَعْدَ الْحَيْضِ اسْتَقْبَلَتْ لِتَرْكِهَا التَّتَابُعَ بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ نِفَاسِهَا، وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ يُرِيدُ بِالْغَائِبِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ إلَخْ) هَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ كَمَا قَالُوا فِي الْآبِقِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ غَايَةِ السُّرُوجِيِّ وَلَا يَجُوزُ الْهَرَمُ الْعَاجِزُ وَالْغَائِبُ الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِكَفَّارَةِ قَتْلِهَا) وَمِثْلُهَا كَفَّارَةُ فِطْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>