للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَصَلَ.

كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى الْغَلْقِ فَأَفَادَ أَنَّهُ، وَلَوْ كَانَ الْخَلَاءُ مُشْتَرَكًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَلْقٌ يَخُصُّهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ تُطَالِبَهُ بِمَسْكَنٍ آخَرَ وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ بِالْخَوْفِ عَلَى الْمَتَاعِ وَعَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ قَدْ زَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ كَوْنَ الْخَلَاءِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِ الْأَجَانِبِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ بُيُوتٌ وَأَبَتْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ ضَرَّتِهَا أَوْ مَعَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ إنْ أَخْلَى لَهَا بَيْتًا وَجَعَلَ لَهُ مَرَافِقَ وَغَلْقًا عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ بَيْتًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْبَيْتِ مِنْ بَيْتِ الْخَلَاءِ وَمِنْ مَطْبَخٍ بِخِلَافِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَحْمَاءِ الزَّوْجِ يُؤْذِيهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، قَالُوا لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ أَحَبَّ، وَلَكِنْ بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ، وَلَوْ قَالَتْ إنَّهُ يَضْرِبُنِي وَيُؤْذِينِي فَمُرْهُ أَنْ يُسْكِنَنِي بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ زَجَرَهُ عَنْ التَّعَدِّي فِي حَقِّهَا وَإِلَّا يَسْأَلُ الْجِيرَانَ عَنْ صَنِيعِهِ فَإِنْ صَدَّقُوهَا مَنَعَهُ عَنْ التَّعَدِّي فِي حَقِّهَا وَلَا يَتْرُكُهَا ثَمَّةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جِوَارِهَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَوْ كَانُوا يَمِيلُونَ إلَى الزَّوْجِ أَمَرَهُ بِإِسْكَانِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ اهـ.

وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّهُ يُضْرَبُ وَإِنَّمَا قَالُوا زَجَرَهُ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُبْ تَعْزِيرَهُ وَإِنَّمَا طَلَبَتْ الْإِسْكَانَ بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْبَيْتَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ جِيرَانٌ، فَلَيْسَ بِمَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْكَنَ أَيْضًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ حَالِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَلَيْسَ مَسْكَنُ الْأَغْنِيَاءِ كَمَسْكَنِ الْفُقَرَاءِ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِقَدْرِ حَالِهِمَا عَنْ الْمَسْكَنِ لَكَانَ أَوْلَى وَقَدَّمْنَا أَنَّ النَّفَقَةَ إذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ فَقَوْلُهُمْ يُعْتَبَرُ فِي النَّفَقَةِ حَالُهُمَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَاتِ تَزَوَّجَ بِهَا وَبَنَى بِهَا فِي مَنْزِلٍ كَانَتْ فِيهِ بِأَجْرٍ وَمَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ فَطَالَبَ الْمُؤَجِّرُ الْمَرْأَةَ بِالْأُجْرَةِ فَقَالَتْ لَهُ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ الْمَنْزِلَ بِالْكِرَاءِ فَعَلَيْكَ الْأَجْرُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى مَقَالَتِهَا وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدَةُ اهـ.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ سَكَنَتْ بِغَيْرِ إجَارَةٍ فِي وَقْفٍ أَوْ مَالِ يَتِيمٍ أَوْ مَا كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَجَّرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُمَا يَسْكُنَانِ فِيهِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْمُؤْنِسَةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِامْرَأَةٍ تُؤْنِسُهَا فِي الْبَيْتِ إذَا خَرَجَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَحَدٌ.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَأَفَادَ أَنَّهُ وَلَوْ كَانَ الْخَلَاءُ مُشْتَرَكًا إلَخْ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مَا فَهِمَهُ عَنْ الْهِدَايَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْبَيْتَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْمَرَافِقِ؛ وَلِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْخَلَاءِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الْأَجَانِبِ ضَرَرُهُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ.

(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ وَالِدَةٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْ ذُو رَحِمٍ مِنْ الزَّوْجِ، فَقَالَتْ أَنَا لَا أَنْزِلُ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ بُيُوتٌ فَأَعْطَاهَا بَيْتًا يُغْلَقُ عَلَيْهِ وَيُفْتَحُ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِمَنْزِلٍ آخَرَ وَإِلَّا فَلَهَا لِوَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهَا تَخَافُ عَلَى أَمْتِعَتِهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُجَامَعَةُ وَمَعَهَا فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُمَا وَذَكَرَ الْخَصَّافُ الْمَسْأَلَةَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَأَسْكَنَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَتْ إحْدَاهُمَا بَيْتًا عَلَى حِدَةٍ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي اجْتِمَاعِهِمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ ضَرَرًا بِهِمَا وَالزَّوْجُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الدَّارَ إنْ كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى بُيُوتٍ وَيُسْكِنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِمَا وَيُفْتَحُ كَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِمَسْكَنٍ آخَرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ إحْمَاءِ الزَّوْجِ) كَذَا رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْ الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَلَعَلَّ الصَّوَابَ إبْدَالُ الْأَحْمَاءِ بِالْأَقَارِبِ أَوْ يَقُولُ مِنْ أَحْمَاءِ الزَّوْجَةِ وَرَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْخَانِيَّةِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ وَاضِحٌ.

(قَوْلُهُ: لَا أَجْرَ عَلَيْهِ) أَقُولُ: هَذَا خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي إجَارَاتِ الدَّارِ الْمُخْتَارِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا فَتَاوَى سِرَاجِ الدِّينِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ لِمَا فِي النَّهْرِ وَلَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ ذِكْرَ الْمُؤْنِسَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ قَالَ إنَّهَا لَا تَجِبُ وَيُسْكِنُهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ خَالِيًا مِنْ الْجِيرَانِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ تَخْشَى عَلَى عَقْلِهَا مِنْ سِعَتِهِ اهـ.

وَنَظَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْبَيْتَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ جِيرَانٌ غَيْرُ مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ، وَقَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ صَغِيرًا كَالْمَسَاكِنِ الَّتِي فِي الرُّبُوعِ وَالْحَيْشَانِ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَسْكَنِ بَيْنَ جِيرَانٍ عَدَمُ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِالْمُؤْنِسَةِ إذَا اسْتَوْحَشَتْ بِأَنْ كَانَ الْمَسْكَنُ مُتَّسِعًا كَالدَّارِ وَإِنْ كَانَ لَهَا جِيرَانٌ فَعَدَمُ الْإِتْيَانِ بِالْمُؤْنِسَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُضَارَّةِ لَا سِيَّمَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى عَقْلِهَا وَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ خَالِيًا عَنْ الْجِيرَانِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا رَضِيَتْ بِإِسْكَانِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>