لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِإِطْلَاقِ جَوَابِ الْكِتَابِ وَالْمَعْنَى مَا قُلْنَا وَالْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ مُلْحَقٌ بِهِ فِي الْمَحْفُوظِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَطْلَقَ فِي التَّحْرِيرِ فَشَمِلَ الْمُعَلَّقَ وَالْمُنَجَّزَ فَإِنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ الْآخَرُ وَقَيَّدَ بِالْعِتْقِ الْمُبْهَمِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي النَّسَبِ الْمُبْهَمِ أَوْ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ الْمُبْهَمَةِ لَا يَكُونُ بَيَانًا فَلَوْ قَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ ابْنِي أَوْ أَحَدُ هَاتَيْنِ أُمُّ وَلَدِي فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْآخَرُ لِلْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ، بَلْ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ سَابِقٍ وَالْإِخْبَارُ يَصِحُّ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ فَيَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ بِخِلَافِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ إنْشَاءً، وَالْإِنْشَاءُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْحَيِّ وَأُطْلِقَ فِي الْمَوْتِ فَشَمِلَ الْقَتْلَ سَوَاءٌ قَتَلَهُ الْمَوْلَى أَوْ أَجْنَبِيٌّ.
فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ مِنْ الْمَوْلَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ لِلْمَوْلَى فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى عِتْقَ الْمَقْتُولِ لَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ عَنْ الْحَيِّ، وَلَكِنْ يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَدْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ قِيمَتِهِ وَقَيَّدَ بِالْمَوْتِ احْتِرَازًا عَنْ قَطْعِ الْيَدِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَبَيَّنَ الْمَوْلَى الْعِتْقَ فِي غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لِلْمَوْلَى بِلَا شَكٍّ وَإِنْ بَيَّنَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْأَرْشَ لِلْمَوْلَى لَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الْأَرْشَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِ التَّنْجِيزِ وَالْأَوَّلُ قِيَاسُ مَذْهَبِ التَّعْلِيقِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَا يَقَعُ بِهِ الْبَيَانُ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ الْمُنَجَّزِ يَقَعُ بِهِ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ الْمُعَلَّقِ كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الشَّرْطِ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ، ثُمَّ جَاءَ زَيْدٌ عَتَقَ الْبَاقِي وَفُرِّقَ بَيْنَ الْبَيَانِ الْحُكْمِيِّ وَالصَّرِيحِ فَإِنَّ الْحُكْمِيَّ قَدْ رَأَيْت أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ الشَّرْطِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ قَبْلَ الشَّرْطِ اخْتَرْت أَنْ يَعْتِقَ فُلَانٌ، ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ قَبْلَ وَقْتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ دَخَلْت هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، ثُمَّ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا لِلْحِنْثِ لَا يَصِحُّ تَعْيِينُهُ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَاهُمَا، ثُمَّ جَاءَ زَيْدٌ ثَبَتَ حُكْمُ الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا اهـ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ لَوْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَقِيلَ أَيَّهُمَا نَوَيْت؟ فَقَالَ لَمْ أَعْنِ هَذَا عَتَقَ الْآخَرُ، فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَعْنِ هَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ طَلَاقُ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِخِلَافِ مَاذَا قَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ عَلَى أَلْفٍ فَقِيلَ لَهُ هُوَ هَذَا فَقَالَ لَا لَا يَجِبُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْيِينَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِذَا نَفَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ إقَامَةً لِلْوَاجِبِ أَمَّا الْإِقْرَارُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْمَجْهُولِ لَا يَلْزَمُ حَتَّى لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ نَفْيُ أَحَدِهِمَا تَعْيِينًا لِلْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: لَا الْوَطْءُ) أَيْ لَا يَكُونُ وَطِئَ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ بَيَانًا لِلْعِتْقِ الْمُبْهَمِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا هُوَ بَيَانٌ فَتَعْتِقُ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ وَإِحْدَاهُمَا حُرَّةٌ فَكَانَ بِالْوَطْءِ مُسْتَبْقِيًا الْمِلْكَ فِي الْمَوْطُوءَةِ فَتَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِزَوَالِهِ بِالْعِتْقِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ.
وَلَهُ أَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِي الْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي النَّكِرَةِ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ فَكَانَ وَطْؤُهَا حَلَالًا فَلَا يُجْعَلُ بَيَانًا وَلِهَذَا حَلَّ وَطْؤُهُمَا عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِهِ، ثُمَّ يُقَالُ الْعِتْقُ غَيْرُ نَازِلٍ قَبْلَ الْبَيَانِ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ أَوْ يُقَالُ نَازِلٌ فِي الْمُنْكَرِ فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَقْبَلُهُ وَالْوَطْءُ يُصَادِفُ الْمُعَيَّنَةَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْ النِّكَاحِ الْوَلَدُ وَقَصْدُ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْمَوْطُوءَةِ صِيَانَةً لِلْوَلَدِ أَمَّا الْأَمَةُ فَالْمَقْصُودُ مِنْ وَطْئِهَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهُمَا كَمَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُمَا، وَقَدْ وَضَعَ فِي الْأُصُولِ مَسْأَلَةً يَجُوزُ أَنْ يُحَرَّمَ أَحَدُ أَشْيَاءَ كَمَا يَجُوزُ إيجَابُ أَحَدِ أَشْيَاءَ كَمَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ وَحُكْمُ تَحْرِيمِ أَحَدِ أَشْيَاءَ جَوَازُ فِعْلِهَا إلَّا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَمَّهَا فِعْلًا كَانَ فَاعِلًا لِلْمُحَرَّمِ قَطْعًا وَلَا يُعْلَمُ خِلَافٌ فِي ذَلِكَ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ قَدْ يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْوَطْءُ لِعَارِضٍ كَالرَّضَاعِ وَالْمَجُوسِيَّةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ قِيَامُهُ حِلَّ الْوَطْءِ
ــ
[منحة الخالق]
فَلَمْ تَكُنْ الْحَيَاةُ شَرْطًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute