للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَطَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إطَالَةً حَسَنَةً.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ قَوْلُهُمَا وَأَنَّهُ لَا يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَاظِرٌ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ، قَيَّدْنَا الْوَطْءَ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ عُلِّقَتْ بِهِ عَتَقَتْ الْأُخْرَى بِالِاتِّفَاقِ وَقَيَّدَ بِالْعِتْقِ الْمُبْهَمِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي التَّدْبِيرِ الْمُبْهَمِ لَا يَكُونُ بَيَانًا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُزِيلُ مِلْكَ الْمَنَافِعِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ لَا يَكُونُ بَيَانًا بِالْأَوْلَى وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ أَحَدَهُمَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَا يَكُونُ بَيَانًا وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لَا يُنَافِي إنْشَاءَ الْعِتْقِ وَلَا يُبْطِلُهُ الْإِنْشَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تُسْتَخْدَمُ الْحُرَّةُ فَلَا يَكُونُ بَيَانًا دَلَالَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَالْمَوْتُ بَيَانٌ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ) أَيْ الْوَطْءُ بَيَانٌ لِلطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ فَتَطْلُقُ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا كَمَا إذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِمَا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَا يَكُونُ الْوَطْءُ بَيَانًا لِطَلَاقِ الْأُخْرَى لِحِلِّ وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَهَلْ الْبَيَانُ يَثْبُتُ فِي الطَّلَاقِ بِالْمُقَدِّمَاتِ فِي الزِّيَادَاتِ لَا يَثْبُتُ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يَحْصُلُ بِالتَّقْبِيلِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدَ بِالْوَطْءِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ بَيَانًا؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى هِيَ الْمُطَلَّقَةُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَلَمْ يَدْرِ الْأَوَّلَ رَقَّ الذَّكَرُ وَعَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ وَالْأُنْثَى) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَهُوَ مَا إذَا وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا عَتَقَتْ الْأُمُّ بِالشَّرْطِ وَالْجَارِيَةُ لِكَوْنِهَا تَبَعًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْأُمَّ حُرَّةٌ حِينَ وَلَدَتْهَا وَتَرِقُّ فِي حَالٍ وَهُوَ مَا إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا لِعَدَمِ الشَّرْطِ فَيَعْتِقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَتَسْعَى فِي النِّصْفِ أَمَّا الْغُلَامُ فَيَرِقُّ فِي الْحَالَيْنِ فَلِهَذَا يَكُونُ عَبْدًا، وَهَذَا الْجَوَابُ كَمَا تَرَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فِيهِ، وَالْمَذْكُورُ لِمُحَمَّدٍ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِعِتْقٍ وَاعْتِبَارُ الْأَحْوَالِ بَعْدَ التَّيَقُّنِ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَا يَجُوزُ إيقَاعُ الْعِتْقِ بِالشَّكِّ فَعَنْ هَذَا حَكَمَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ أَوَّلًا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ رَجَعَ وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ جَوَابَ هَذَا الْفَصْلِ، بَلْ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَوْلَى بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَإِنْ نَكَلَ فَنُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ وَإِنْ حَلَفَ فَكُلُّهُمْ أَرِقَّاءُ، أَمَّا جَوَابُ هَذَا الْفَصْلِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْهُمَا وَلَا يَدْرِي الْأَوَّلَ فَالْغُلَامُ رَقِيقٌ وَالْأُنْثَى حُرَّةٌ وَيَعْتِقُ نِصْفُ الْأُمِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ جَوَابَ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعْتِقُ جَمِيعُ الْجَارِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا عَتَقَتْ بِالشَّرْطِ وَإِنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا عَتَقَتْ تَبَعًا لِلْأُمِّ، أَمَّا انْتِصَافُ عِتْقِ الْأُمِّ فَلِأَنَّهَا تَعْتِقُ فِي وِلَادَةِ الْغُلَامِ أَوَّلًا وَتَرِقُّ فِي الْجَارِيَةِ، وَجَوَابُ الْكِتَابِ عِتْقُ نِصْفِهَا مَعَ نِصْفِ الْأُمِّ وَصَحَّحَ فِي النِّهَايَةِ مَا فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي لَمْ يُتَيَقَّنْ وُجُودُهُ إذَا كَانَ فِي طَرَفٍ وَاحِدٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ أَنْكَرَ وُجُودَهُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ غَدًا فَأَنْت حُرٌّ فَمَضَى الْغَدُ وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ الدَّارَ أَمْ لَا لِلشَّكِّ فِي شَرْطِ الْعِتْقِ فَكَذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي شَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ وِلَادَةُ الْغُلَامِ أَوَّلًا.

أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مَذْكُورًا فِي طَرَفَيْ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ كَانَ أَحَدُهُمَا مَوْجُودًا لَا مَحَالَةَ فَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ قُلْتُ: الْمَفْرُوضُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ تَصَادُقُهُمْ عَلَى عَدَمِ عِلْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ فَكَيْفَ يَحْلِفُ وَلَا دَعْوَى وَلَا مُنَازِعَ قُلْتُ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى دَعْوَى مِنْ خَارِجِ حِسْبَةِ عِتْقِ الْأَمَةِ أَوْ بِنْتِهَا لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ أَنْكَرَتْ الْعِتْقَ وَشَهِدَ بِهِ يُقْبَلُ فَعَلَى هَذَا جَازَ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ حِسْبَةَ إذَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ بَيَانًا إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ إجْمَالٌ وَالتَّفْصِيلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ رَجْعِيًّا لَا يَكُونُ طَلَاقُ الْمُعَيَّنَةِ بَيَانًا رَجْعِيًّا كَانَ أَوْ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْمُعَيَّنَةِ رَجْعِيًّا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَانَ بَيَانًا لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ.

(قَوْلُهُ: مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوْ لَا) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَهَكَذَا رَأَيْته فِي الْفَتْحِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُصَلَّحًا بِإِبْدَالِ الْجَارِيَةِ بِالْغُلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>