للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّيغَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلْحَالِ عَلَى طَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَالِ صِيغَةٌ أُخْرَى وَلِلِاسْتِقْبَالِ سِينٌ وَسَوْفَ فَكَانَتْ الْحَالُ أَصْلًا فِيهَا وَالِاسْتِقْبَالُ دَخِيلًا فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ مَا أَسْتَقْبِلُ مِلْكَهُ عَتَقَ مَا مَلَكَهُ لِلْحَالِ وَمَا اُسْتُحْدِثَ الْمِلْكُ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ ظَاهِرَهَا لِلْحَالِ وَبِنِيَّتِهِ يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ أَرَدْت مَا يَحْدُثُ مِلْكِي فِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ كَمَا إذَا قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ، ثُمَّ قَالَ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى بِهَذَا الِاسْمِ عَنَيْتهَا طَلُقَتْ الْمَعْرُوفَةُ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالْمَجْهُولَةُ بِاعْتِرَافِهِ كَذَا هَا هُنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ السَّاعَةَ فَهُوَ حُرٌّ إنَّ هَذَا يَقَعُ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ وَلَا يَعْتِقُ مَا يَسْتَفِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ السَّاعَةِ الْمَذْكُورَةِ هِيَ السَّاعَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ النَّاسِ وَهِيَ الْحَالُ لَا السَّاعَةُ الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُنَجِّمُونَ فَيَتَنَاوَلُ هَذَا الْكَلَامُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ لَا مَنْ يَسْتَفِيدُهُ مِنْ بَعْدُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ مَنْ أَسْتَفِيدُهُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ يُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ اللَّفْظِ عَمَّنْ يَكُونُ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ عَلَّقَ بِشَرْطٍ قَدَّمَ الشَّرْطَ أَوْ أَخَّرَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

(قَوْلُهُ: وَالْمَمْلُوكُ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَ الْمُطْلَقَ، وَالْجَنِينُ مَمْلُوكٌ تَبَعًا لِلْأُمِّ لَا مَقْصُودًا؛ وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ وَاسْمُ الْمَمْلُوكِ يَتَنَاوَلُ الْأَنْفُسِ دُونَ الْأَعْضَاءِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا وَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ حَمْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِهِ دُونَ أُمِّهِ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي ذَكَرٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت مَمْلُوكَيْنِ فَهُمَا حُرَّانِ فَاشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا فَإِنَّ الْحَمْلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَا يَعْتِقُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا لِتَقْيِيدِهِ بِالذُّكُورَةِ وَلَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ شِرَاءُ مَمْلُوكَيْنِ وَالْحَمْلُ لَا يُسَمَّى مَمْلُوكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْحَامِلِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي غَيْرَك حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ الْحَمْلُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالصُّوَرِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ حَامِلَةٌ فَإِنَّ الْحَامِلَ تَدْخُلُ فَيَعْتِقُ الْحَمْلُ تَبَعًا لَهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ مَمْلُوكٍ إمَّا لِذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ بِالْمَمْلُوكَةِ وَقَيْدُ التَّذْكِيرِ لَيْسَ جُزْءَ الْمَفْهُومِ، وَإِذَا كَانَ التَّأْنِيثُ جُزْءَ مَفْهُومِ مَمْلُوكَةٍ فَيَكُونُ مَمْلُوكٌ أَعَمَّ مِنْ مَمْلُوكَةٍ فَالثَّابِتُ فِيهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ لَا الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْنِيثِ، وَإِمَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ اسْتَمَرَّ فِيهِ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدَ بِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْحَمْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْعَبِيدَ، وَلَوْ مَرْهُونِينَ أَوْ مَأْذُونِينَ أَوْ مَأْجُورِينَ وَالْإِمَاءَ وَإِنْ كُنَّ حَوَامِلَ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادَهُمَا وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُدَبَّرَةَ، وَلَوْ نَوَى الذُّكُورَ فَقَطْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً مَعَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الذُّكُورِ يَعُمُّ النِّسَاءَ حَقِيقَةً وَضْعًا، وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مَمَالِيكِي كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ وَنَوَى الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَالُوا لَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي، وَنَوَى التَّخْصِيصَ يُصَدَّقُ دِيَانَةً اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: مَا الْفَرْقُ وَفِي الْوَجْهَيْنِ نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَالِمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلَّهُمْ تَأْكِيدٌ لِلْعَامِّ قَبْلَهُ وَهُوَ مَمَالِيكِي؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَهُوَ يَرْفَعُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ غَالِبًا وَالتَّخْصِيصُ يُوجِبُ الْمَجَازَ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَإِنَّ الثَّابِتَ بِهِ أَصْلُ الْعُمُومِ فَقَطْ فَقُبِلَ التَّخْصِيصُ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الْمُدَبَّرِينَ قِيلَ لَمْ يُدَنْ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ فَإِنَّ الْخُصُوصَ لَا يَمْتَازُ عَنْ الْعَامِّ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ التَّخْصِيصُ فِي حَقِّ الْوَصْفِ مَا أَمْكَنَ تَخْصِيصُ عَامٍّ أَبَدًا. اهـ.

وَأَشَارَ بِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لِلْحَمْلِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَا لَمْ يَكُنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ أَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا عَتَقَ تَبَعًا لَا بِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>