للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيَّ حَرَامٌ فَالْمُرَادُ لُبْسُهُ إلَّا إذَا نَوَى غَيْرَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ لِدَرَاهِمَ فِي يَدِهِ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ اشْتَرَى بِهَا حَنِثَ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ وَهَبَهَا لَمْ يَحْنَثْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلدَّرَاهِمِ بَلْ لَوْ وَهَبَ مَا جَعَلَهُ حَرَامًا، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْرِيمِ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ مَالِي عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَنْفَقَ مِنْهُ شَيْئًا حَنِثَ وَكَذَا مَالُ فُلَانٍ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَ مِنْهُ، أَوْ أَنْفَقَ حَنِثَ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا قَالَ هَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ لِطَعَامٍ لَا يَمْلِكُهُ فَيَصِيرُ بِهِ حَالِفًا حَتَّى لَوْ أَكَلَهُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْهَا وَهُوَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَا إذَا قَالَ: هَذِهِ الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِذَا شَرِبَهُ كَفَّرَ فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ الْأَكْلِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ الْخِنْزِيرُ عَلَيَّ حَرَامٌ كَانَ يَمِينًا حَتَّى إذَا فَعَلَهُ كَفَّرَ وَذَكَرَ فِي فَصْلِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ إذَا قَالَ: هَذِهِ الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُنْوَى فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْخَبَرَ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.

وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَعِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ اهـ.

وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمَنْ الْمُفِيدَةِ لِلْعُمُومِ لِيَشْمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَلِذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَالْخُلَاصَةِ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ قَالَتْ: حَرَّمْتُكَ عَلَى نَفْسِي فَيَمِينٌ حَتَّى لَوْ طَاوَعَتْهُ فِي الْجِمَاعِ، أَوْ أَكْرَهَهَا لَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأُدْخِلَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ اهـ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ حُرْمَتَهُ مُعَلَّقَةً عَلَى فِعْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْتُ هَذَا الطَّعَامَ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ كُلُّ طَعَامٍ آكُلُهُ فِي مَنْزِلِك فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَحْنَثُ إذَا أَكَلَهُ هَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ وَالنَّاسُ يُرِيدُونَ بِهَذَا أَنَّ أَكْلَهُ حَرَامٌ، وَفِي الْحِيَلِ: إنْ أَكَلْت عِنْدَك طَعَامًا أَبَدًا فَهُوَ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ: إنْ دَخَلْت عَلَيْك فَمَا أَخَذْت بِيَمِينِي فَحَرَامٌ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ صَارَ يَمِينًا فَإِنْ مَلَكَ شَيْئًا وَلَوْ شَرْبَةَ مَاءٍ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ اهـ. .

(قَوْلُهُ: كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ كَمَا فُرِّعَ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ فِعْلًا مُبَاحًا وَهُوَ التَّنَفُّسُ وَنَحْوُهُ وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الْبِرُّ لَا يَحْصُلُ مَعَ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ يَنْصَرِفُ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُتَنَاوَلُ عَادَةً فَيَحْنَثُ إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَلَا يَحْنَثُ بِجِمَاعِ زَوْجَتِهِ لِإِسْقَاطِ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ وَإِذَا نَوَاهَا كَانَ إيلَاءً وَلَا تُصْرَفُ الْيَمِينُ عَنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَهَذَا كُلُّهُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مَعَ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاكِمِ فِي الْكَافِي إذَا قَالَ الرَّجُلُ كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ فَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَلَا تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فَإِنْ نَوَاهَا دَخَلَتْ فَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ، أَوْ قَرِبَ امْرَأَتَهُ حَنِثَ وَسَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا لَا تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ فِيهَا وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْحَرَامِ أَيْ يَصِحُّ مَا نَوَى، وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَهُوَ كَذِبٌ اهـ.

تَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ مَوْقُوفٌ عَلَى النِّيَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى الْكَذِبَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ) لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ ذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ اهـ.

يَعْنِي: إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ لِانْصِرَافِهِ عِنْدَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمَنْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ فِي شُمُولِ كَلَامِهِ لِذَلِكَ نَظَرًا بَيِّنًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ أَنْ يَحْنَثَ فِي قَوْلِهِ: إنْ أَكَلْت طَعَامًا بِأَكْلِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: تَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ مَوْقُوفٌ عَلَى النِّيَّةِ إلَخْ) الضَّمِيرُ فِي " تَقْتَضِي " رَاجِعٌ إلَى عِبَارَةِ الْحَاكِمِ وَفِي كَوْنِهَا تَقْتَضِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَمَا أَفَادَهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى يَمِينًا إلَخْ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْيَمِينَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَلَا تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَإِنْ أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ نَوَى الْمَرْأَةَ وَقَرِبَهَا سَقَطَ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّهُ حَنِثَ وَهَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ أَيْضًا، نَعَمْ فِي عِبَارَةِ الْحَاكِمِ زِيَادَةٌ وَهِيَ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، أَوْ نَوَى بِهِ الْكَذِبَ فَهُوَ كَمَا نَوَى وَلَيْسَ فِي الْهِدَايَةِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ إلَّا فِي زِيَادَةِ حُكْمٍ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا تَبِينُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ جُعِلَ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى إلَخْ وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا يَأْتِي فِي عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ أَيْضًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَالَ: وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنْ حَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>