للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُودِهَا فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا بَعْدَ ذَلِكَ اهـ.

وَقَيَّدَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ قَدَّمَ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلزَّوْجَةِ فَتَطْلُقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا مُطْلَقًا، أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ وَوُجِدَ وَفَى بِهِ) أَيْ وَفَى بِالْمَنْذُورِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى» وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَهُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يُرِيدُ كَوْنَهُ أَوْ لَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ فَقَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ، أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ صَدَقَةُ مَا أَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ عَنْ ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْوَفَاءِ بِمَا سَمَّى أَيْضًا إذَا كَانَ شَرْطًا لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَهُوَ بِظَاهِرِهِ نَذْرٌ فَيَتَخَيَّرُ وَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ شَرْطًا يُرِيدُ كَوْنَهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي لِانْعِدَامِ مَعْنَى الْيَمِينِ فِيهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ: مَشَايِخُ بَلْخٍ وَبُخَارَى يُفْتُونَ بِهَذَا وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ - وَلِكَثْرَةِ الْبَلْوَى فِي هَذَا الزَّمَانِ - وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَوَجْهُ الصَّحِيحِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» وَهُوَ يَقْتَضِي السُّقُوطَ بِالْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا فَتَعَارَضَا فَيُحْمَلُ مُقْتَضَى الْإِيفَاءِ بِعَيْنِهِ عَلَى الْمُنَجَّزِ، أَوْ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ يُرِيدُ كَوْنَهُ وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ لِأَنَّهُ إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ كَوْنَهُ الْمَنْذُورَ حَيْثُ جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، مِثْلُ دُخُولِ الدَّارِ وَكَلَامِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ حِينَئِذٍ لِمَنْعِ نَفْسِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ الشَّرْطِ الَّذِي يُرِيدُ كَوْنَهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنَجَّزِ ابْتِدَاءً فَيَنْدَرِجُ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ وُجُوبُ الْإِيفَاءِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْمُحَقِّقِ فَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لُزُومُ الْوَفَاءِ بِالْمَنْذُورِ عَيْنًا مُنَجَّزًا كَانَ أَوْ مُعَلَّقًا، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِمَا بَيْنَ الْوَفَاءِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَدَّمَ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلزَّوْجَةِ فَتَطْلُقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ) كَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ قَوْلِهِ فَتَطْلُقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ هَكَذَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ وَكَذِبٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَى، وَفِي الْفَتْوَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقٌ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَعَ الطَّلَاقُ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَخُصُّ الْمَرْأَةَ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ بِخِلَافِ الْعَامِّ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا سَمَّى) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا صَرِيحٌ فِي تَعَيُّنِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ الْبَدَلِ هَذَا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الدِّرْهَمِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدِّينَارَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالْأَصْلِ لَا بِكُلِّ وَصْفٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِمَا) ظَاهِرُ سِيَاقِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ ضَمِيرَ فِيهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْمَنْذُورِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ مُطْلَقًا وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ أَيْ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى قِسْمَيْ الْمُعَلَّقِ أَعْنِي الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ يُرِيدُ كَوْنَهُ، أَوْ لَا يُرِيدُ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ فَإِنَّهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَالْقَوْلَ الثَّانِيَ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ: وَالْأَوَّلُ وَهُوَ لُزُومُ الْوَفَاءِ بِهِ عَيْنًا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالتَّخْيِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي النَّوَادِرِ وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ رُجُوعَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى التَّخْيِيرِ فِيمَا لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ وَأَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَالَ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي النَّوَادِرِ، وَفِي النَّهْرِ بَعْدَ سَوْقِهِ كَلَامَ الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى التَّخْيِيرِ مُطْلَقًا وَأَقُولُ: وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ الَّذِي لَا يُرَادُ كَوْنُهُ فَالْإِطْلَاقُ مَمْنُوعٌ أَعْنِي سَوَاءٌ أُرِيدَ كَوْنُهُ أَوْ لَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ. كَلَامُ النَّهْرِ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الرِّوَايَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.

وَقَوْلُهُ: وَلِذَا اُعْتُرِضَ فِي الْعِنَايَةِ عَلَى تَصْحِيحِ الْهِدَايَةِ أَيْ حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ حَصْرَ الصِّحَّةِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ الدِّرَايَةُ لِدَفْعِ التَّعَارُضِ فَالدَّفْعُ مُمْكِنٌ مِنْ حَيْثُ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُرْسَلِ وَالْآخَرِ عَلَى الْمُعَلَّقِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ مَا يُرِيدُ كَوْنَهُ وَمَا لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ وَأَجَابَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مُنْتَصِرًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ حَصْرَ الصِّحَّةِ مِنْ حَيْثُ رُجُوعُ الْإِمَامِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ فَصَارَ هُوَ الصَّحِيحَ لِأَنَّ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ لَا يُقَاوِمُ الْمَرْجُوعَ إلَيْهِ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ أَمْرُ الْمُجْتَهِدِ وَرَأْيُهُ عَلَيْهِ صَارَ هُوَ الْمَذْهَبَ لِلْإِمَامِ فَيَصِيرُ الْمُسَطَّرُ عَنْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالْمَنْسُوخِ بِمَا بَعْدَهُ وَلَا يَكُونُ مَا أَرَادَهُ الْأَكْمَلُ إلَّا إذَا تَقَابَلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالنَّوَادِرِ وَتَعَارَضَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَمَّا مَعَهُ كَمَا بَيَّنَّا فَلَا وَلِهَذَا أَفْتَى بِمَا فِي النَّوَادِرِ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ وَبَعْضُ مَشَايِخِ بُخَارَى.

وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَالْقَاضِي الْمَرْوَزِيِّ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ فِي الْفَيْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>