للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الطَّعَامَ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ حَتَّى أَكَلَهُ حَنِثَ، وَلَوْ أُوجِرَ فِي حَلْقِهِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ عَلَى الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فَأُدْخِلَ مَحْمُولًا بِأَمْرِهِ حَنِثَ وَبِرِضَاهُ لَا بِأَمْرِهِ أَوْ مُكْرَهًا لَا، وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ، وَأَدْخَلَتْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَفِي الِانْحِلَالِ كَلَامٌ، وَفِيمَنْ زَلَقَ فَوَقَعَ فِيهَا أَوْ كَانَ رَاكِبًا دَابَّةً فَانْفَلَتَتْ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ إمْسَاكَهَا فَأَدْخَلَتْهُ خِلَافٌ. اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ الْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الْحِصْنِ إلَى الْعَوْدَةِ عَلَى مُضَادَّةِ الدُّخُولِ فَلَا يَكُونُ الْمُكْثُ بَعْدَ الْخُرُوجِ خُرُوجًا كَمَا لَا يَكُونُ الْمُكْثُ بَعْدَ الدُّخُولِ دُخُولًا ثُمَّ الْخُرُوجُ كَمَا يَكُونُ مِنْ الْبُلْدَانِ وَالدُّورِ وَالْمَنَازِلِ وَالْبُيُوتِ تَكُونُ مِنْ الْأَخْبِيَةِ وَالْفَسَاطِيطِ وَالْخِيَمِ وَالسُّفُنِ لِوُجُودِ حَدِّهِ وَالْخُرُوجُ مِنْ الدُّورِ الْمَسْكُونَةِ أَنْ يَخْرُجَ الْحَالِفُ بِنَفْسِهِ، وَمَتَاعِهِ، وَعِيَالِهِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَسْكُنُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْبُلْدَانِ وَالْقُرَى أَنْ يَخْرُجَ الْحَالِفُ بِبَدَنِهِ خَاصَّةً، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَخْرُجُ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ فَخَرَجَ إلَى صَحْنِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ إلَى مَكَّةَ أَوْ خُرُوجًا مِنْ الْبَلَدِ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً، وَلَا دِيَانَةً؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَذْكُورِ لَا يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ، وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مِنْهَا مِنْ الْبَابِ أَيِّ بَابٍ كَانَ، وَمِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ فَوْقِ حَائِطٍ أَوْ سَطْحٍ أَوْ نَقْبٍ حَنِثَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الدَّارِ، وَلَوْ قَيَّدَ بِبَابِ هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ الْبَابِ قَدِيمًا كَانَ الْبَابُ أَوْ حَادِثًا، وَلَوْ عَيَّنَ بَابًا فِي الْيَمِينِ تَعَيَّنَ، وَلَا يَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَلَا يَخْرُجُ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ فَخَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى حَاجَةً) يَعْنِي لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ خُرُوجٌ مُسْتَثْنًى وَالْمُضِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا إلَى الْمَسْجِدِ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْمَسْجِدَ ثُمَّ بَدَا لَهَا فَذَهَبَتْ إلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ تَطْلُقْ لِمَا ذَكَرْنَا، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْتِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَعَ فُلَانٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ فُلَانٍ آخَرَ ثُمَّ خَرَجَ فُلَانٌ، وَلَحِقَهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَعَ لِلْقِرَانِ فَيَقْتَضِي مُقَارَنَتَهَا لِلْخُرُوجِ، وَلَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ الْمُكْثَ بَعْدَ الْخُرُوجِ لَيْسَ بِخُرُوجٍ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا، وَلَوْ خَرَجَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِغَيْرِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَالِاعْتِبَارُ لِلْقَصْدِ عِنْدَ الْخُرُوجِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْتِ إلَى مَنْزِلِ أَبِيكِ فَأَنْت كَذَا فَهُوَ عَلَى الْخُرُوجِ عَنْ قَصْدٍ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَى أَهْلِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ أَهْلُهَا أَبَوَاهَا، وَلَيْسَ أَحَدٌ سِوَاهُمَا أَهْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبَوَانِ فَأَهْلُهَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا أُمٌّ مُطَلَّقَةٌ فَأَهْلُهَا مَنْزِلُ أُمِّهَا فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُتَزَوِّجًا وَالْأُمُّ مُتَزَوِّجَةً فَالْأَهْلُ مَنْزِلُ الْأَبِ دُونَ مَنْزِلِ الْأُمِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجُ أَوْ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ يَحْنَثُ، وَفِي لَا يَأْتِيهَا لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ أَنَّ الْخُرُوجَ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ قَدْ وُجِدَ

ــ

[منحة الخالق]

مِنْ فَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَاكَ إنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي إعْدَامِهِ أَيْ فِي إعْدَامِ نِسْبَتِهِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ كَانَ مُفَوِّتًا لِلِاخْتِيَارِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إنْ أَثَّرَ فِي إعْدَامِ الِاخْتِيَارِ لَا يُنْسَبُ إلَى فَاعِلِهِ، وَإِلَّا نُسِبَ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ مَا خَرَجَ إلَّا بِاخْتِيَارِهِ نَعَمْ الْإِكْرَاهُ أَبْطَلَ رِضَاهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِيجَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الرِّضَا، وَلَا الِاخْتِيَارُ، وَكَذَا مَسْأَلَةُ السُّكْنَى السَّابِقَةُ، وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فِي تَعْلِيلِهَا هَكَذَا؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ لَا أَسْكُنُ شَرْطُ الْحِنْثِ السُّكْنَى، وَالْفِعْلُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاخْتِيَارِ، وَفِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَخْرُجْ شَرْطُ الْحِنْثِ عَدَمُ الْخُرُوجِ وَالْعَدَمُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاخْتِيَارِ انْتَهَتْ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْخُرُوجُ مِنْ الدُّورِ الْمَسْكُونَةِ أَنْ يَخْرُجَ الْحَالِفُ بِنَفْسِهِ، وَمَتَاعِهِ، وَعِيَالِهِ) عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ والتتارخانية إلَى الْقُدُورِيِّ، وَقَدْ قَيَّدَ فِي النَّهْرِ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ مَثَلًا فَأُخْرِجَ مَحْمُولًا إلَخْ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ الْبَدَائِعِ هَذِهِ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى هَذَا فَمِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيْتِ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ كَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِي السُّكْنَى كَمَا مَرَّ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ وَقَعَ تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا بِالْمَسْجِدِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَكِنْ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهُوَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِبَدَنِهِ، وَلَوْ قَالَ لَا أَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى النَّقْلَةِ مِنْهَا بِأَهْلِهِ إنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْخُرُوجَ بِبَدَنِهِ. اهـ.

فَمِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَيْتِ مُرَادُهُ حَيْثُ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْخُرُوجُ بِبَدَنِهِ لَكِنَّ التَّصْوِيرَ بِالْمَسْجِدِ كَمَا فَعَلَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ أَوْلَى لِظُهُورِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَالْخُرُوجُ مِنْ الْبُلْدَانِ وَالْقُرَى أَنْ يَخْرُجَ الْحَالِفُ بِبَدَنِهِ خَاصَّةً) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَهُ زَادَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا خَرَجَ بِبَدَنِهِ فَقَدْ بَرَّ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ لَمْ يُرِدْ. اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ فَائِدَةُ الِارْتِحَالِ وَالِانْتِقَالِ بِعَامَّةِ الْمَتَاعِ بِحَيْثُ يُقَالُ فُلَانٌ ارْتَحَلَ أَوْ فُلَانٌ انْتَقَلَ فَارْجِعْ إلَى مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى حَاشِيَةِ التَّتَارْخَانِيَّة، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَاَلَّذِي كَتَبَهُ فِي حَاشِيَةِ التَّتَارْخَانِيَّة قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>