للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ قَالَ إنْ بَعَثَ غُلَامِي هَذَا أَحَدًا مِنْ النَّاسِ فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ حَنِثَ، وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ أَكَلَ هَذَا الرَّغِيفَ أَحَدٌ فَأَكَلَهُ اثْنَانِ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَفِي الْقُنْيَةِ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَوَهَبَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بَاعَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلَتْ هِيَ فِي بَيْعِي فَهِيَ حُرَّةٌ فَإِنْ رَدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ تُعْتِقُ، وَإِلَّا فَلَا حَلَفَ إنْ اشْتَرَاهَا يَحْنَثُ بِالْإِقَالَةِ حَلَفَ لَا يَبِيعُ يَحْنَثُ بِبَيْعِ التَّلْجِئَةِ. اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ يَمِينٍ لَا يَهَبُ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا هِبَةٌ ابْتِدَاءً فَيَحْنَثُ وَدَاخِلَةٌ تَحْتَ يَمِينٍ لَا يَبِيعُ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا بَيْعٌ انْتِهَاءً فَيَحْنَثُ بِهَا، وَلَوْ قَالَ إنْ آجَرْت دَارِيَ هَذِهِ فَهِيَ صَدَقَةٌ ثُمَّ احْتَاجَ إلَى إجَارَتِهَا فَالْمُخْرِجُ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ أَنْ يَبِيعَهَا الْحَالِفُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يُوَكِّلُ الْمُشْتَرِي الْحَالِفَ بِالْإِجَارَةِ فَيُؤَاجِرُهَا بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا فَتَخْرُجُ عَنْ يَمِينِهِ بِالْإِجَارَةِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ فِي إجَارَتِهَا لَا يَحْنَثُ فَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ ضَرْبِ الْوَلَدِ وَضَرْبِ الْغُلَامِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَا يُؤَجِّرُ، وَلَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ آجَرَتْهَا امْرَأَتُهُ، وَقَبَضَتْ الْأُجْرَةَ فَأَنْفَقَتْ أَوْ أَعْطَتْهَا زَوْجَهَا لَا يَحْنَثُ وَتَرَكَهَا فِي أَيْدِي السَّاكِنِينَ لَا يَكُونُ إجَارَةً فَلَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِينَ اُقْعُدُوا فِي هَذِهِ الْمَنَازِلِ فَهُوَ إجَارَةٌ وَيَحْنَثُ، وَكَذَا إذَا تَقَاضَى مِنْهُمْ أُجْرَةَ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْقَدُوهُ أُجْرَةَ شَهْرٍ قَدْ سَكَنُوا فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ اهـ.

قَوْلُهُ (وَمَا يَحْنَثُ بِهِمَا النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ، وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ، وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْقَرْضُ وَالِاسْتِقْرَاضُ وَضَرْبُ الْعَبْدِ، وَالذَّبْحُ وَالْبِنَاءُ وَالْخِيَاطَةُ وَالْإِيدَاعُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِعَارَةُ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ وَالْكِسْوَةُ وَالْحَمْلُ) بَيَانٌ لِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ مَا تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْآمِرِ. الثَّانِي مَا لَا حُقُوقَ لَهُ أَصْلًا. الثَّالِثُ مَا كَانَ مِنْ الْأَفْعَال الْحِسِّيَّةِ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهِمَا عَائِدٌ إلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالْأَمْرِ وَفِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ الْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَوَكَّلَ بِهِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُزَوِّجَهُ الْوَكِيلُ فَلَوْ قَالَ وَمَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ مَأْمُورِهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَفَسَّرَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ الْأَمْرَ بِالتَّوْكِيلِ، وَلَيْسَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ التَّوْكِيلِ وَالرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِالرِّسَالَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اقْتِصَارِهِ عَلَى التَّوْكِيلِ أَنَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الِاسْتِعْوَاضَ وَالتَّوْكِيلُ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي هَذَا النَّوْعِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ لِمَا أَنَّ غَرَضَ الْحَالِفِ التَّوَقِّي عَنْ حُكْمِ الْعَقْدِ وَحُقُوقِهِ، وَهَذِهِ الْعُقُودُ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِحُقُوقِهَا فَصَارَ كَمُبَاشَرَتِهِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ وَصَارَ الْوَكِيلُ سَفِيرًا، وَمُعَبِّرًا، وَلِهَذَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهَا إلَى الْآمِرِ، وَمَا كَانَ مِنْ الْأَفْعَالِ حِسِّيًّا كَضَرْبِ الْغُلَامِ وَالذَّبْحِ وَنَحْوِهِمَا مَنْقُولٌ أَيْضًا إلَى الْآمِرِ حَتَّى لَا يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ فَكَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَيَحْنَثُ، وَقَدْ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ ضَرْبِ الْوَلَدِ وَضَرْبِ الْعَبْدِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَضَرَبَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ لَا يَحْنَثُ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَضَرَبَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ حَنِثَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ ضَرْبِ الْوَلَدِ عَائِدَةٌ إلَى الْوَلَدِ الْمَضْرُوبِ، وَهِيَ التَّأَدُّبُ وَالتَّثْقِيفُ أَيْ التَّقْوِيمُ وَتَرْكُ الِاعْوِجَاجِ فِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْأَخْلَاقِ فَلَمْ يُنْسَبْ فِعْلُ الْمَأْمُورِ إلَى الْآمِرِ وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى الْأَبِ أَيْضًا لَكِنَّ أَصْلَ الْمَنَافِعِ وَحَقِيقَتَهَا إنَّمَا تَرْجِعُ إلَى الْمُتَّصِفِ بِهَا فَلَا مُوجِبَ لِلنَّقْلِ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْعَبْدِ فَإِنَّ مَنْفَعَتَهُ رَاجِعَةٌ إلَى الْآمِرِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَهُوَ مَا يَحْصُلُ مِنْ أَدَبِهِ وَانْزِجَارِهِ، وَإِنْ كَانَ نَفْعُهُ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ضَرْبِ الْوَلَدِ حَاصِلٌ لَهُ، وَإِنْ حَصَلَ لِلْأَبِ ضِمْنًا وَالْمَقْصُودُ مِنْ ضَرْبِ الْعَبْدِ حَاصِلٌ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ حَصَلَ لِلْعَبْدِ ضِمْنًا فَافْتَرَقَا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمَا فِي عُرْفِنَا، وَعُرْفِ عَامَّتِنَا فَإِنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَ فُلَانٌ الْيَوْمَ، وَلَدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ وَيَقُولُ الْعَامِّيُّ لِوَلَدِهِ غَدًا أَسْقِيك عَلْقَةً ثُمَّ يَذْكُرُ لِمُؤَدِّبِ الْوِلْدَانِ يَضْرِبُهُ فَيَعُدُّ الْأَبُ نَفْسَهُ أَنَّهُ قَدْ حَقَّقَ إيعَادَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكْذِبْ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَنْعَقِدَ عَلَى مَعْنَى

ــ

[منحة الخالق]

حَنِثَ فِي الْقَضَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: حَلَفَ إنْ اشْتَرَاهَا يَحْنَثُ بِالْإِقَالَةِ) عَزَاهُ فِي النَّهْرِ إلَى عَقْدِ الْفَوَائِدِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا تَقَاضَى مِنْهُمْ أُجْرَةَ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَقَاضِيَ أُجْرَةِ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ لَيْسَ إلَّا الْإِجَارَةَ بِالتَّعَاطِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا خَصَّهُ لِتُعْلَمَ الرِّسَالَةُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>