للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ بَعْدَ اللَّحَاقِ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ مَا لَهُمْ بِاللَّحَاقِ الْأَوَّلِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُقَيِّدَ التَّشْبِيهَ بِالشِّينِ فَقَطْ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُونَ وَإِنَّمَا يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَةُ الِاسْتِرْقَاقِ وَعَدَمُ الْجَبْرِ لِمَا عَلِمْت مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَالِ الَّذِي لَحِقَ بِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَلِمَا فِي الْمُحِيطِ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ ثُمَّ عَادُوا إلَى الذِّمَّةِ أَخَذُوا بِحُقُوقٍ كَانَتْ قَبْلَ النَّقْضِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالْمَالِ لِأَنَّهُ حَقٌّ الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ فَلَا يَسْقُطُ بِصَيْرُورَتِهِ حَرْبًا عَلَيْنَا وَلَمْ يُؤْخَذُوا بِمَا أَصَابُوا فِي الْمُحَارَبَةِ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّونَ لِأَنَّهُمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَالرِّدَّةِ الْتَحَقُوا بِسَائِرِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَا أَصَابَ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْ دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا لَا يُؤَاخَذُونَ بِذَلِكَ مَتَى أَسْلَمُوا كَذَا هَذَا اهـ.

وَلِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ فِي الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ بِاللَّحَاقِ وَإِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَتَعُودُ ذِمَّتُهُ وَلَا يَبْطُلُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي خَلَّفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا وَيَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ أَسِيرًا بَعْدَ الظُّهُورِ فَقَدْ اُسْتُرِقَّ وَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ جِزْيَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ آخِرًا وَإِذَا جَاءَ مِنْ نَفْسِهِ نَائِبًا عَادَتْ ذِمَّتُهُ كَمَا أَفَادَهُ أَوَّلًا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْضًا فَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِاللَّحَاقِ فَفِي رِوَايَةٍ يَكُونُ فَيْئًا وَفِي رِوَايَةٍ لَا اهـ.

وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعُدْ تَائِبًا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَغْلِبِيٍّ وَتَغْلَبِيَّةٍ ضِعْفُ زَكَاتِنَا) أَيْ الْمُسْلِمِينَ وَتَغْلِبُ بْنُ وَائِلٍ مِنْ الْعَرَبِ وَمِنْ رَبِيعَةَ تَنَصَّرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ ثُمَّ زَمَنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دَعَاهُمْ عُمَرُ إلَى الْجِزْيَةِ فَأَبَوْا وَأَنِفُوا وَقَالُوا نَحْنُ عَرَبٌ خُذْ مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ الصَّدَقَةَ فَقَالَ لَا آخُذُ مِنْ مُشْرِكٍ صَدَقَةً فَلَحِقَ بَعْضُهُمْ بِالرُّومِ فَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ زُرْعَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ الْقَوْمَ لَهُمْ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَهُمْ عَرَبٌ يَأْنَفُونَ مِنْ الْجِزْيَةِ فَلَا تُعِنْ عَلَيْك عَدُوًّا بِهِمْ وَخُذْ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ فَبَعَثَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي طَلَبِهِمْ وَضَعَّفَ عَلَيْهِمْ فَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ الْفُقَهَاءُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَانِ وَلَا زِيَادَةَ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَعَلَى هَذَا فِي الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَفَادَ بِتَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ وَإِنْ كَانَ جِزْيَةً فِي الْمَعْنَى فَهُوَ وَاجِبٌ بِشَرَائِطِ الزَّكَاةِ وَأَسْبَابِهَا إذْ الصُّلْحُ وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الْجِزْيَةِ مِنْ وَصْفِ اللُّقُطَاتِ فَتُقْبَلُ مِنْ النَّائِبِ وَيُعْطِي جَالِسًا إنْ شَاءَ وَلَا يُؤْخَذُ بِتَلْبِيبِهِ وَلَا يَهُزُّ وَالْمَصْرِفُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ وَذَلِكَ لَا يَخُصُّ الْجِزْيَةَ وَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مَوَاشِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ عِنْدَنَا بِخِلَافِ أَرْضِهِمْ فَيُؤْخَذُ خَرَاجُهَا لِأَنَّهَا وَظِيفَةُ الْأَرْضِ وَلَيْسَتْ عِبَادَةً.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْحُجَّةِ لَوْ حَدَثَ وَلَدٌ ذَكَرٌ بَيْنَ نَجْرَانِيٍّ وَبَيْنَ تَغْلِبِيٍّ مِنْ جَارِيَةٍ بَيْنَهُمَا وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا مَعًا فَمَاتَ الْأَبَوَانِ وَكَبِرَ الْوَلَدُ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَذُكِرَ فِي السِّيَرِ إنْ مَاتَ التَّغْلِبِيَّ أَوَّلًا تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ أَهْلِ نَجْرَانَ وَإِنْ مَاتَ النَّجْرَانِيُّ أَوَّلًا تُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ بَنِي تَغْلِبَ وَإِنْ مَاتَا مَعًا يُؤْخَذُ النِّصْفُ مِنْ هَذَا وَالنِّصْفُ مِنْ ذَاكَ اهـ.

وَاقْتَصَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا فِي السِّيَرِ وَالتَّغْلِبِيُّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ صَالَحَهُمْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَغْمِسُوا أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمَوْلَاهُ كَمَوْلَى الْقُرَشِيِّ) أَيْ وَمُعْتَقُ التَّغْلِبِيَّ وَمُعْتَقُ الْقُرَشِيِّ وَاحِدٌ فِي عَدَمِ التَّبَعِيَّةِ لِلْأَصْلِ فَيُوضَعُ الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ عَلَى مُعْتِقِهِمَا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لِمُضَاعَفَةِ تَخْفِيفٍ وَالْمُعْتَقُ لَا يَلْحَقُ بِالْأَصْلِ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْلَى أَسْبَابِ التَّخْفِيفِ وَلَا تَبَعِيَّةَ فِيهِ.

قَيَّدَ بِهِمَا لِأَنَّ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ كَالْهَاشِمِيِّ فِي حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَخْفِيفًا بَلْ تَحْرِيمٌ وَالْحُرُمَاتُ تَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ فَالْحَقُّ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ بِهِ وَبِهِ بَطَلَ قِيَاسُ زُفَرَ مَوْلَى التَّغْلِبِيَّ عَلَى مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ لَكِنْ نُقِضَ بِمَوْلَى الْغَنِيِّ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَنْفُذْ إلَى مَوْلَاهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَقَضُ بِالْقَوْلِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ نَقَضَ عَهْدَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِالْقَوْلِ اهـ

(قَوْلُهُ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَأُرِيته كَذَلِكَ فِي الْفَتْحِ وَالْعِنَايَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ سَقْطًا وَالْأَصْلُ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قُرِّرَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَعِبَارَةُ غَايَةِ الْبَيَانِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ شَاةٌ فَفِيهَا أَرْبَعٌ مِنْ الْغَنَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>