وَهَلْ تَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْوَالِدُ سَقَى اللَّهَ عَهْدَهُ صَوْبَ الرِّضْوَانِ أَفْتَى بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِبْدَالِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى التَّأْسِيسِ لَا يُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ وَلَفْظُ التَّبْدِيلِ مُحْتَمِلٌ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَحَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى يُغَايِرُهُ فِيهِ مَا بَعْدَهُ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُؤَكَّدًا بِهِ وَبَلَغَنِي مُوَافَقَةُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مِنْ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَمُخَالَفَةُ الْبَعْضِ ثُمَّ رُفِعَ سُؤَالٌ آخَرُ عَنْ الْوَاقِفِ إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ اشْتَرَطَ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الشَّرْطِ أَنَّهُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِوَقْفِهِ إذَا رَأَى مَا هُوَ أَنْفَعُ مِنْهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ الثَّانِي وَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا فَاضْطَرَبَ فِيهِ إفْتَاءُ أَصْحَابِنَا وَكُنْتُ مِمَّنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ وَكَوْنُهُ مِنْ مُقْتَضَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ وَافَقَنِي عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ فِي التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ سِيَّمَا إذَا قَالَ الْوَاقِفُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَأَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ مَا شَاءَ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِذَلِكَ. اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ مُجْهَلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا. اهـ.
وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَتَانِ لِلْفَتْوَى إحْدَاهُمَا بَاعَ الْوَقْفَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بَاعَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَوْ بَاعَ مِنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا عُرِفَ فِي الْوَكَالَةِ ثَانِيَتُهُمَا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُسْتَبْدِلِ وَبَاعَهُ الْوَقْفَ بِالدَّيْنِ وَلَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ لِأَنَّهُمَا لَا يُجَوِّزَانِ الْبَيْعَ بِالْعُرُوضِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى وِزَانِ شَرْطِ الِاسْتِبْدَالِ لَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الْمَعَالِيمِ إذَا شَاءَ وَيَزِيدَ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِقَيِّمِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ وَإِذَا أَدْخَلَ وَأَخْرَجَ مَرَّةً لَيْسَ لَهُ ثَانِيًا إلَّا بِشَرْطِهِ وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تُبَاعَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ الِاسْتِبْدَالَ كَانَ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ لِأَنَّ الْآخَرَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ لَا تُبَاعُ امْتَنَعَ الِاسْتِبْدَالُ وَإِذَا شَرَطَ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَالْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ كُلَّمَا بَدَا لَهُ كَانَ ذَلِكَ مُطْلَقًا لَهُ غَيْرَ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ وَيَسْتَقِرُّ الْوَقْفُ عَلَى الْحَالِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ مَوْتِهِ وَمَا شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ بَعْدِهِ صَحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِلْمُتَوَلِّي مَا دَامَ الْوَاقِفُ حَيًّا مَلَكَاهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَ وَلَيْسَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ يُوصِيَ بِهِ لَهُ وَلَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ الِاسْتِبْدَالَ وَالزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَالْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ لِلْمُتَوَلِّي وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ مَا دَامَ حَيًّا اهـ.
مُلَخَّصًا وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ شَرَطَ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّتَهَا مَنْ شَاءَ لَهُ الْمَشِيئَةُ فِي صَرْفِهَا إلَى مَنْ شَاءَ وَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَتْ وَإِنْ شَاءَ نَفْسَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَانِعِي الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَإِنْ شَاءَ غَنِيًّا مُعَيَّنًا جَازَ كَفَقِيرٍ مُعَيَّنٍ وَامْتَنَعَ التَّحْوِيلُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ شَاءَ الصَّرْفَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ دُونَ الْفُقَرَاءِ بَطَلَتْ الْمَشِيئَةُ وَإِنْ شَاءَ صَرْفَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ جَازَتْ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهَا مَنْ شَاءَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَشَاءَ وَاحِدًا مِنْهُمْ جَازَ وَلَوْ شَاءَ كُلَّهُمْ بَطَلَتْ وَتَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيَاسًا وَعِنْدَهُمَا جَازَتْ وَتَكُونُ لِبَنِي فُلَانٍ اسْتِحْسَانًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ عِنْدَهُ وَلِلْبَيَانِ عِنْدَهُمَا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ فَلَهُ مَشِيئَةُ التَّفْضِيلِ دُونَ مَشِيئَةِ التَّخْصِيصِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِي إخْرَاجَ مَنْ شِئْتُ مِنْهُمْ فَإِنْ أَخْرَجَ مُعَيَّنًا صَحَّ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ غَلَّةٌ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا خَاصَّةً وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي وَصَايَا الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْغَلَّةِ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ وَفِي الْبُسْتَانِ غَلَّةٌ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ الْغَلَّةُ الْمَوْجُودَةُ وَمَا يَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَبَدًا وَعَلَى رِوَايَةِ هِلَالٍ لَهُ الْمَوْجُودُ فَقَطْ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَإِنْ أَخْرَجَ وَاحِدًا مُبْهَمًا بِأَنْ قَالَ أَخْرَجْتُ فُلَانًا أَوْ فُلَانًا جَازَ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ فَالْغَلَّةُ تُقْسَمُ عَلَى رُءُوسِ الْبَاقِينَ وَيَضْرِبُ لِهَذَيْنِ بِسَهْمٍ فَإِنْ اصْطَلَحَا أَخَذَاهُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَبَيَا أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا وَقَفَ الْأَمْرُ
ــ
[منحة الخالق]
أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ كَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَنَرَى كَثِيرًا مِنْ هَذَا فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ فَيُحْكَمُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ (قَوْلُهُ كَانَ ذَلِكَ مُطْلَقًا لَهُ غَيْرُ مَحْظُورٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَبِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ لَا يُطْلَقُ لَهُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute