للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا قُرْآنٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لَفْظًا وَمَعْنًى وَكَيْفَ لَا وَهُوَ مُعْجِزٌ يَقَعُ بِهِ التَّحَدِّي عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ وَالْعَجْزُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَتَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ فِي مِثْلِهِ بِالْقَصْدِ الْمُجَرَّدِ مَرْدُودٌ عَلَى فَاعِلِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِنِيَّةِ الثَّنَاءِ؛ لِأَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ الْقُرْآنِيَّةَ فِيهِ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَإِلَّا لَانْتَفَى جَوَازُ التَّلَفُّظِ بِشَيْءٍ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْعَرَبِيَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْحُرُوفِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إجْمَاعًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّ الْخُصُوصِيَّةَ الْقُرْآنِيَّةَ فِيهِ لَازِمَةٌ قَطْعًا وَلَيْسَ فِي قُدْرَةِ الْمُتَكَلِّمِ إسْقَاطُهَا عَنْهُ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ النَّظْمِ الْخَاصِّ كَمَا هُوَ فِي الْمَفْرُوضِ، وَقَدْ انْكَشَفَ بِهَذَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ مِنْ آيَةٍ قَصِيرَةٍ مِنْ نَحْوِ ثُمَّ نَظَرَ أَوْ لَمْ يُولَدْ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا هُنَا وَفِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ إنَّ الْقُرْآنَ يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ فَأَوْرَدَ الْإِمَامُ الْخَاصِّيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ السِّرَاجُ الْهِنْدِيُّ فِي التَّوْشِيحِ بِأَنَّ الْعَزِيمَةَ لَوْ كَانَتْ مُغَيِّرَةً لِلْقِرَاءَةِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا تَكُونُ مُجْزِئَةً، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهَا مُجْزِئَةٌ.

وَأَجَابَ بِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّهَا لَا تَتَغَيَّرُ بِالْعَزِيمَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ فَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ لَا يُجْزِئُهُ. اهـ.

وَالْمَنْقُولُ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ عَلَى قَصْدِ الثَّنَاءِ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَتْ الْقِرَاءَةُ فِي مَحَلِّهَا فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا بِقَصْدٍ. اهـ.

وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْأُولَيَيْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْرَيَيْنِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ عَيْنٍ، وَإِنْ كَانَ تَعْيِينُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَاجِبًا وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا فِيمَا إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ عَلَى قَصْدِ الدُّعَاءِ فَرَقَمَ لِشَرْحِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهَا لَا تَنُوبُ عَنْ الْقِرَاءَةِ اهـ.

وَأَمَّا الْأَذْكَارُ فَالْمَنْقُولُ إبَاحَتُهَا مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ فِيهَا اللَّهُمَّ اهْدِنَا إلَى آخِرِهِ، وَأَمَّا اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ الَّذِي هُوَ دُعَاءُ الْقُنُوتِ عِنْدَنَا فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ لِشُبْهَةِ كَوْنِهِ قُرْآنًا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي كَوْنِهِ قُرْآنًا فَلَا يَقْرَأْهُ احْتِيَاطًا قُلْنَا حَصَلَ الْإِجْمَاعُ الْقَطْعِيُّ الْيَقِينِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَمَعَهُ لَا شُبْهَةَ تُوجِبُ الِاحْتِيَاطَ الْمَذْكُورَ نَعَمْ الْمَذْكُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي بَابِ الْأَذَانِ اسْتِحْبَابُ الْوُضُوءِ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبِّ لَا يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالطَّحَاوِيُّ لَا يُسَلَّمُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا حَاضَتْ الْمُعَلِّمَةُ فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُعَلِّمَ الصِّبْيَانَ كَلِمَةً كَلِمَةً وَتَقْطَعَ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ تُعَلِّمُ نِصْفَ آيَةٍ اهـ.

وَفِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ

ــ

[منحة الخالق]

الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ يُفْهِمُ أَنَّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَسُورَةِ أَبِي لَهَبٍ لَا يُؤَثِّرُ قَصْدَ الْقُرْآنِيَّةِ فِي حِلِّهِ لَكِنِّي لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ. اهـ.

قُلْت الْمَفْهُومُ مُعْتَبَرٌ مَا لَمْ يُصَرَّحْ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفَ لَا وَهُوَ مُعْجِزٌ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهَا الْقُرْآنَ فَاتَ مَا بِهَا مِنْ الْمَزَايَا الَّتِي يَعْجِزُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَصْدُ إمَّا تَفْصِيلًا وَذَلِكَ مِنْ الْبَلِيغِ أَوْ إجْمَالًا وَذَلِكَ بِحِكَايَةِ كَلَامِهِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ حِينَئِذٍ كَمَا لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَكَيْفَ يُطْلَقُ أَنَّهُ مَرْدُودٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْرَيَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: مَا قَالَهُ الْخَاصِّيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْيِينِ الْأُولَيَيْنِ لِلْفَرْضِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِأَصْحَابِنَا كَمَا سَيَأْتِي وَمَا فِي التَّجْنِيسِ عَلَى عَدَمِهِ فَأَنَّى يُصَادِمُ مَحَلَّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبِّ لَا يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ) اعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ تَرْكَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهُوَ مَرْجِعُ التَّنْزِيهِ فَكَوْنُهُ لَا يُوجِبُ كَرَاهَةً مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ. اهـ.

قُلْت وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قُبَيْلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ إبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ قَوْلُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ بِهِ يُفْتَى يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ الْمُشِيرِ إلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ الصَّحِيحُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّ مَا بُدِّلَ مِنْهُ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَمَا لَمْ يُبَدَّلْ غَالِبٌ وَهُوَ وَاجِبُ التَّعْظِيمِ وَالصَّوْنِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ غُلِّبَ الْمُحَرِّمُ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» وَبِهَذَا ظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ مُجَازَفَةٌ عَظِيمَةٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْبِرْنَا بِأَنَّهُمْ بَدَّلُوهَا عَنْ آخِرِهَا وَكَوْنُهُ مَنْسُوخًا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى كَالْآيَةِ الْمَنْسُوخَةِ مِنْ الْقُرْآنِ. اهـ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَيُكْرَهُ لَهُمَا قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا مَا بُدِّلَ مِنْهَا وَمِثْلُهَا فِي النَّهْرِ وَكَذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ) أَيْ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ إذْ الْكَرْخِيُّ وَإِنْ مَنَعَ مَا دُونَ الْآيَةِ لَكِنْ بِمَا بِهِ يُسَمَّى قَارِئًا، وَلِذَا قَالُوا لَا يُكْرَهُ التَّهْجِيرُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بِالتَّعْلِيمِ كَلِمَةً لَا يُعَدُّ قَارِئًا فَتَنَبَّهْ لِهَذَا التَّقْيِيدِ الْمُفِيدِ. اهـ.

وَنَقَلَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ الْمَوْلَى يَعْقُوبَ بَاشَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مَا دُونَ الْآيَةِ أَيْ مِنْ الْمُرَكَّبَاتِ لَا الْمُفْرَدَاتِ؛ لِأَنَّهُ جَوَّزَ لِلْحَائِضِ الْمُعَلِّمَةِ تَعْلِيمَهُ كَلِمَةً كَلِمَةً. اهـ.

وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قَالَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَكَذَا يُؤَيِّدُهُ مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>