للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا حُمُولَةٌ فَوَهِيَ الْحَائِطُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا رَفْعَهُ لِيُصْلِحَهُ وَأَبَى الْآخَرُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مَرِيدُ الْإِصْلَاحِ لِلْآخَرِ ارْفَعْ حُمُولَتَك بِأُسْطُوَانَاتِ وَعُمُدٍ وَيُعْلِمَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فَعَلَهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَفْعُ الْجِدَارِ فَلَوْ سَقَطَ حُمُولَتُهُ لَمْ يَضْمَنْ اهـ.

(قَوْلُهُ زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ يَتَشَعَّبُ عَنْهَا مِثْلُهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ لَا يَفْتَحُ أَهْلُ الْأُولَى فِيهَا بَابًا بِخِلَافِ الْمُسْتَدِيرَةِ) أَيْ سِكَّةٌ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفَسَّرَهَا تَاجُ الشَّرِيعَةِ بِالسِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِزَيْغِهَا عَنْ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَفَسَّرَهَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِالْمَحَلَّةِ سُمِّيَتْ بِهَا لِمَيْلِهَا مِنْ طَرَفٍ إلَى طَرَفٍ مِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ إذَا مَالَتْ وَفِي التَّهْذِيبِ الزَّائِغَةُ الطَّرِيقُ الَّذِي حَادَ عَنْ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَالْمُسْتَطِيلَةُ الطَّوِيلَةُ مِنْ اسْتَطَالَ بِمَعْنَى طَالَ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ الْأُولَى صَرِيحًا بِكَوْنِهَا غَيْرَ نَافِذَةٍ تَبَعًا لِمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَقَيَّدَهَا فِي الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ والتمرتاشي وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ مِثْلُهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ فَجَعَلَ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى بِقَيْدِ عَدَمِ النَّفَاذِ وَصُورَةُ الطَّوِيلَةِ هَكَذَا فَاَلَّذِي يُمْكِنُهُ بِأَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي الزَّائِغَةِ لِقُصْوَى هُوَ صَاحِبُ الدَّارِ الَّتِي فِي رُكْنِ الزَّائِغَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فَتْحَهُ لِلْمُرُورِ وَلَا حَقَّ لِأَهْلِ الزَّائِغَةِ الْأُولَى فِي الْمُرُورِ فِي الزَّائِغَةِ الْقُصْوَى بَلْ هُوَ لِأَهْلِهَا عَلَى الْخُصُوصِ وَلِذَا لَوْ بِيعَتْ دَارٌ فِي الْقُصْوَى لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْأُولَى شُفْعَةٌ بِخِلَافِ أَهْلِ الْقُصْوَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ الْأُولَى صَرِيحًا بِكَوْنِهَا غَيْرَ نَافِذَةٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ إذْ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ الْأُولَى نَافِذَةً أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ لِامْتِنَاعِ مُرُورِ أَهْلِهَا فِي الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا فَأَطْلَقَهُ الْمُؤَلِّفُ فَشَمِلَ النَّافِذَةَ وَغَيْرَ النَّافِذَةِ وَقَيَّدَ الْمُتَشَعِّبَةَ بِكَوْنِهَا غَيْرَ نَافِذَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَافِذَةً لَسَاغَ لِلْعَامَّةِ الْمُرُورُ فِيهَا فَلَا يَمْتَنِعُ فَتْحُ بَابٍ لِأَهْلِ الْأُولَى بِهَا وَتَقْيِيدُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْفَقِيهَيْنِ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَلِذَا صَوَّرَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْرِيرِ نَافِذَةٌ وَكَثِيرٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ، وَأَمَّا الْمُتَشَعِّبَةُ عَنْهَا فَأَجْمَعُوا عَلَى تَصْوِيرِهَا غَيْرَ نَافِذَةٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَفْهَمْهُ اهـ.

وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي الزَّائِغَةِ الْقُصْوَى إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ التَّصَوُّرُ لَا الْجَوَازُ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يُتَصَوَّرُ لَهُ فَتْحُ بَابٍ فِي الزَّائِغَةِ الْمُتَشَعِّبَةِ هُوَ صَاحِبُ الدَّارِ الَّتِي فِي رُكْنِ الْمُتَشَعِّبَةِ؛ لِأَنَّ جِدَارَهُ فِيهَا أَمَّا مِنْ قِبَلِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ جِدَارَهُ فِي الْأُولَى وَإِنَّمَا فَسَّرْنَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فَتْحُ الْبَابِ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ فَتْحَهُ لِلْمُرُورِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ لَهُ الْفَتْحَ وَالْمُرُورَ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ وَاخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ رَمَزَ (لض) وَجَعَلَهُ خِلَافَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَقُولُ: وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَشَتْ الْمُتُونُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْمَنْعِ فَتَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافًا فَيُرْجَعُ إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَهَا بَابٌ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لَهَا بَابًا آخَرَ أَعْلَى مِنْ بَابِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ اهـ.

ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ أَقُولُ: وَإِطْلَاقُ قَوْلِ قَاضِي خَانْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَسُدَّ الْأَوَّلُ وَرَأَيْت فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَسُدَّهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْقِيَ الْأَوَّلَ مَعَ الثَّانِي لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمَيُّزِ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ وَلِتَضَرُّرِهِمْ بِزِيَادَةِ الزَّحْمَةِ بِانْضِمَامِهِ إلَى الْأَوَّلِ وَوُقُوفِ الدَّوَابِّ فِي الدَّرْبِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي الشُّرْبِ وَلَوْ أَنَّ مَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ بَابَهُ فِي أَسْفَلِ السِّكَّةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَزْدَادُ طَرِيقُهُ وَمُرُورُهُ فِي السِّكَّةِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَسَوَّى بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.

قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَوَّلًا وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمَنْعُ إذْ الْعِلَّةُ الْمَنْعُ مِنْ الْمُرُورِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّائِغَةِ تَأَمَّلْ هَذَا وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلِ مَنْعِ فَتْحِ الْبَابِ لِأَهْلِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ مَا نَصُّهُ وَيُخَافُ أَنْ يَسُدَّ بَابَهُ الْأَصْلِيَّ وَيَكْتَفِيَ بِالْبَابِ الْمَفْتُوحِ وَيَجْعَلَ دَارِهِ مِنْ تِلْكَ السِّكَّةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ تَرَهُ يُفِيدُ عَدَمَ وُجُوبِ سَدِّ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ وَإِلَّا لَمَّا عَبَّرَ هُنَا بِالْمَخُوفِ بَلْ كَانَ يُعَبِّرُ بِاللُّزُومِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَهْلِ الْقُصْوَى إلَخْ) الَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ الَّتِي فِي الْقُصْوَى فِي رُكْنِ الْأُولَى الطَّوِيلَةِ فِي نَاحِيَةِ الْعُبُورِ إذْ لَوْ كَانَتْ فِي رُكْنِ الْأُولَى الطَّوِيلَةِ فِي النَّاحِيَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّوِيلَةِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَلَا يَكُونُ لَهُ فَتْحُ بَابٍ فِيهَا وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُتَشَعِّبَةُ فِي وَسَطِ الْأُولَى الطَّوِيلَةِ لَا فِي آخِرِهَا كَالصُّورَةِ الَّتِي رُسِمَتْ هُنَا وَلِتَصَوُّرِهَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ الَّتِي فِي رُكْنِ الْمُتَشَعِّبَةِ مِنْ جِهَةِ الْعُبُورِ بَابُهَا مِنْ الزَّائِغَةِ الْأُولَى الْمُسْتَطِيلَةِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا فَتْحُ بَابٍ مِنْ الزَّائِغَةِ الْمُتَشَعِّبَةِ وَلَوْ كَانَ بَابُهَا مِنْ الزَّائِغَةِ الْمُتَشَعِّبَةِ فَلِصَاحِبِهَا فَتْحُ بَابٍ مِنْ الْأُولَى الْمُسْتَطِيلَةِ، وَأَمَّا الدَّارُ الَّتِي فِي الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِرُكْنِ الْمُتَشَعِّبَةِ إذَا كَانَ بَابُهَا مِنْ الزَّائِغَةِ الْأُولَى الْمُسْتَطِيلَةِ فَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ فِي الْمُتَشَعِّبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُرُورِ فِيهَا وَكَذَا إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>