للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهَا وَبِخِلَافِ النَّافِذَةِ فَإِنَّ الْمُرُورَ فِيهَا حَقُّ الْعَامَّةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ وَقَالَ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْفَتْحِ بَلْ مِنْ الْمُرُورِ؛ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ رَفْعُ جِدَارِهِ وَلَهُ رَفْعُهُ كُلِّهِ فَلَهُ رَفْعُ بَعْضِهِ.

وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْفَتْحِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يُمْكِنُ لِعُسْرِ الْمُرَاقَبَةِ وَرُبَّمَا عَلَى طُولِ الزَّمَانِ يَدَّعِي حَقَّ الْمُرُورِ مُسْتَدِلًّا بِفَتْحِ الْبَابِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ لِلظَّاهِرِ الَّذِي مَعَهُ وَهُوَ فَتْحُ الْبَابِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَدِيرَةِ مَعْنَاهُ لَوْ كَانَتْ الْمُتَشَعِّبَةُ مُسْتَدِيرَةً فَلَهُمْ أَنْ يَفْتَحُوا؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقَّ الْمُرُورِ فِي كُلِّهَا إذْ هِيَ سَاحَةٌ مُشْتَرَكَةٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِيهَا اعْوِجَاجًا وَلِذَا الْكُلُّ يَشْتَرِكُونَ فِي الشُّفْعَةِ إذَا بِيعَتْ دَارٌ فِيهَا وَهَذِهِ صُورَتُهَا وَهُنَا فُصُولٌ الْأَوَّلُ فِي تَصَرُّفِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِيهَا الثَّانِي فِي تَصَرُّفِ الْجِيرَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ الثَّالِثُ فِي تَعْمِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا خَرِبَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشْتَرَكِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ زُقَاقٌ غَيْرُ نَافِذٍ أَرَادَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّخِذَ طِينًا إنْ تَرَكَ مِنْ الطَّرِيقِ قَدْرَ الْمَمَرِّ لِلنَّاسِ وَيَرْفَعُهُ سَرِيعًا وَيَفْعَلُ فِي الْأَحَايِينِ مَرَّةً لَا يُمْنَعُ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ آرِيًّا أَوْ دُكَّانًا وَهُوَ الْمِصْطَبَةُ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لِرَجُلٍ دَارٌ ظَهْرُهَا إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اهـ.

وَزَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا إنْ كَانَ الْجِدَارُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ جَازَ وَإِلَّا فَهُوَ مَسْجِدُ ضِرَارٍ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْفَتَاوَى سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ عَشَرَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دَارٌ غَيْرَ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ دَارًا فِي سِكَّةٍ أُخْرَى لَا طَرِيقَ لَهَا فِي هَذِهِ السِّكَّةِ وَلَيْسَتْ بِحِيَالِ دَارِهِ الَّتِي فِي هَذِهِ غَيْرَ أَنَّ حَائِطَهَا فِي هَذِهِ السِّكَّةِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ لَهُ فَتْحُ بَابٍ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السِّكَّةِ شُرَكَاءُ فِيهَا مِنْ أَعْلَاهَا إلَى أَسْفَلِهَا اهـ.

وَفِي التَّتِمَّةِ زُقَاقٌ غَيْرُ نَافِذٍ قَدْ اشْتَرَى رَجُلٌ فِي الْقُصْوَى دَارًا فَأَرَادَ أَنْ يَهْدِمَهَا وَيَجْعَلَهَا طَرِيقًا نَافِذًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اهـ.

زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا مَسْجِدًا لَهُ ذَلِكَ وَلِمَنْ شَاءَ أَنْ يَدْخُلَهُ وَيُصَلِّيَ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوهُ طَرِيقًا يَمُرُّونَ فِيهِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ جَعَلَ الْخَانَ لِنُزُولِ النَّاسِ فِيهِ كَالْمَسْجِدِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا طَرِيقًا خَاصًّا لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ يَرْفَعُ أَهْلُ السِّكَّةِ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُوَجِّهُ عَدْلَيْنِ يُصَوِّرَانِ لَهُ الْأَمْرَ عَلَى كَاغِدَةٍ فَإِنْ كَانَ ضَرَرًا فَاحِشًا مَنَعَهُ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ فِي مَحَلَّةٍ عَامِرَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُخَرِّبَهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَأَفْتَى الْكَرْخِيُّ بِالْمَنْعِ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى الْقِيَاسِ وَإِذَا تَضَرَّرَ الْجِيرَانُ مِنْ ذَلِكَ هَلْ لَهُمْ جَبْرُهُ عَلَى الْبِنَاءِ فِي غَصْبِ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ اهـ.

وَفِي التَّتِمَّةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَيْسَ لِأَصْحَابِهَا بَيْعُهَا وَلَا قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ إذَا كَثُرَ فِيهِ النَّاسُ كَانَ لَهُمْ الدُّخُولُ لِلزِّحَامِ الثَّانِي فِي تَصَرُّفِ الْجِيرَانِ أَرَادَ الْجَارُ أَنْ يُعْلِيَ حِيطَانَهُ فِي هَوَاءٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِ مَنْعُهُ وَقَالَ السَّعْدِيُّ بِالْمَنْعِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلِذَا كَانَ الرَّاجِحُ وَلَهُ صُورَتَانِ أَيْضًا مِنْهَا حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَدْرُ قَامَةٍ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي طُولِهِ وَأَبَى الْآخَرُ فَلَهُ مَنْعُهُ وَمِنْهَا نَقَضَ الشَّرِيكَانِ الْجِدَارَ الَّذِي بَيْنَهُمَا فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَهُ أَطْوَلَ مِمَّا كَانَ فَفِي التَّتِمَّةِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا خَارِجًا عَنْ الرَّسْمِ بِمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذِرَاعَيْنِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ دَارِهِ بُسْتَانًا لَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً وَلَا يَتَعَدَّى ضَرَرُ الْمَاءِ إلَى جَارِهِ وَإِنْ كَانَتْ رَخْوَةً فَلَهُ مَنْعُهُ وَعَلَى هَذَا إذَا جَعَلَهَا طَاحُونَةً أَوْ لِلْقِصَارَةِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهَا حَمَّامًا أَوْ إصْطَبْلًا اهـ.

وَذَكَرَ الرَّازِيّ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً لِلدُّورِ فَأَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ كَمَا يَكُونُ فِي الدَّكَاكِينِ أَوْ رَحًى لِلطَّحِينِ أَوْ مِدَقَّاتٍ لِلْقَصَّارِينَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ

ــ

[منحة الخالق]

بَابُهَا فِي الْمُتَشَعِّبَةِ لَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ فِي الْأُولَى الْمُسْتَطِيلَةِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُرُورِ أَيْضًا لَكِنْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْأُولَى الْمُسْتَطِيلَةَ غَيْرُ نَافِذَةٍ أَيْضًا إذْ لَوْ كَانَتْ نَافِذَةً فَاَلَّذِي بَابُ دَارِهِ فِي الْمُتَشَعِّبَةِ يَكُونُ لَهُ الْمُرُورُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَلَهُ فَتْحُ بَابٍ فِي الْمُسْتَطِيلَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عِنْدَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْقُصْوَى إلَخْ هَذَا إذَا فَتَحَ فِي جَانِبٍ يَدْخُلُ مِنْهُ إلَيْهَا أَمَّا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ غَيْرِ النَّافِذِ فَلَا. اهـ.

وَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْنَا وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُولَى نَافِذَةً أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الرَّمْلِيِّ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ آرِيًّا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَهُوَ الْمَعْلَفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْآرِي فِي اللُّغَةِ مَحْبِسُ الدَّابَّةِ وَهُوَ فِي التَّقْدِيرِ فَاعُولٌ وَالْجَمْعُ الْأَوَارِي مُخَفَّفٌ وَمُشَدَّدٌ نُقِلَ عَنْ هِبَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ هَكَذَا الرَّسْمُ بِالْأَصْلِ وَلْيُنْظَرْ فِيهِ فَإِنَّهُ عَيْنُ الْأُولَى وَلَيْسَتْ مُسْتَدِيرَةً اهـ. مُصَحِّحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>