للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاجِحًا عَلَى قَوْلِهِ

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَشِيئَةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَعَنْ الثَّانِي قَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَقَالَ زَيْدٌ نَعَمْ كَانَ بِكُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ. اهـ.

وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَإِحْدَى أَخَوَاتِهَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَخِيرِ عِنْدَنَا كَمَا عُلِمَ فِي آيَةِ رَدِّ شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْإِقْرَارِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا فَإِلَى الْأَخِيرِ فَلَوْ أَقَرَّ لِاثْنَيْنِ بِمَالَيْنِ وَاسْتَثْنَى شَيْئًا كَانَ مِنْ الْأَخِيرِ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالَيْنِ كَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا انْصَرَفَ إلَى الْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ جُمْلَتَيْنِ إيقَاعَتَيْنِ فَإِلَيْهِمَا اتِّفَاقًا وَبَعْدَ طَلَاقَيْنِ مُعَلَّقَيْنِ أَوْ طَلَاقٍ مُعَلَّقٍ وَعِتْقٍ فَإِلَيْهِمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَى الْأَخِيرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى الْأَخِيرِ فِي غَيْرِ الْعَطْفِ وَفِي الْمَعْطُوفِ بَعْدَ السُّكُوتِ كَمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ وَفِيهِ مِنْ الْأَيْمَانِ إذَا عَطَفَ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ مَا يُوَسِّعُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ صَحَّ فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الْأُخْرَى دَخَلَتْ الثَّانِيَةُ فِي الْيَمِينِ بِخِلَافِ وَهَذِهِ الدَّارُ الْأُخْرَى وَلَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ ثُمَّ سَكَتَ وَقَالَ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ وَكَذَا فِي الْعِتْقِ. اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ ذِكْرُ حَقٍّ كُتِبَ فِي أَسْفَلِهِ وَمَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهُوَ وَكِيلِي بِمَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَبْطُلُ الذِّكْرُ كُلُّهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا بَطَلَ التَّوْكِيلُ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ الْحَقِّ الصَّكُّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ بِمَنْ قَامَ بِهِ أَنَّ مَنْ أَخْرَجَهُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ لُزُومَ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْمَجْهُولِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ كِتَابَتِهِ إثْبَاتُ رِضَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِ مَنْ يُوَكِّلُهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَمْتَنِعُ الْمَدْيُونُ عَنْ سَمَاعِ خُصُومَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِتَوْكِيلِ مَجْهُولٍ بَاطِلٌ فَلَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْكُلِّ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَكَيْفَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ مَعَ فَسَادِهِ عِنْدَهُ وَقِيلَ بَلْ فَائِدَتُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ لَا يُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ بِالْخُصُومَةِ بِلَا رِضَا الْخَصْمِ إلَّا إذَا وُجِدَ الرِّضَا بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ مَجْهُولٍ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَكِنْ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ مُطْلَقًا اهـ.

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَيُّكُمَا بَاعَ هَذَا فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا بَاعَ جَازَ قَالَ وَكَّلْت هَذَا أَوْ هَذَا بِبَيْعِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ) وَقَالَ زُفَرُ الْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى تَحْكِيمًا لِلْحَالِ كَمَا فِي جَرَيَانِ مَاءِ الطَّاحُونَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ نَعْتَبِرُهُ لِلدَّفْعِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ يَعْتَبِرُهُ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَأَشَارَ بِكَوْنِ الزَّوْجِ ذِمِّيًّا إلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ أَيْضًا وَلَا يُحَكَّمُ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ أَمَّا الْوَرَثَةُ فَهُمْ الدَّافِعُونَ وَيَظْهَرُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِصْحَابِ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ مَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ ظَاهِرًا كَأَخْبَارِ الْآحَادِ كَثِيرًا مَا تُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي التَّحْرِيرِ الِاسْتِصْحَابُ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَمْ يَظُنَّ عَدَمَهُ وَكَتَبْنَا تَفَارِيعَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ التَّحَالُفِ مَسَائِلُ مِنْ الظَّاهِرِ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَاتَ ذِمِّيٌّ وَلَهُ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ فَبَرْهَنَ عَلَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا أَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ مِنْ الذِّمَّةِ وَشُهُودُ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كُنْت مُسْلِمًا وَكَانَ أَبِي مُسْلِمًا فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ وَقَالَ وَأَنَا كُنْت مُسْلِمًا فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا إلَخْ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ لَا يُقَالُ كَيْفَ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَة أَصْلَهُ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا وَقَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ شَرْطٌ شَاعَ إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ فِي عُرْفِهِمْ وَلَيْسَ إيَّاهُ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ لَهُمْ) لَعَلَّهُ وَيَشْهَدُ لَهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَخْبَارِ الْآحَادِ كَثِيرًا) أَيْ كَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>