للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَاتِهِ فَكَذَّبَهُ أَخُوهُ وَقَالَ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيرَاثُ لِلَّذِي اجْتَمَعَا عَلَى إسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرِّقِّ وَالْعِتْقِ فَالْمِيرَاثُ لِمَنْ اجْتَمَعَا عَلَى عِتْقِهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ اهـ.

وَفِيهَا ادَّعَى خَارِجَانِ دَارًا فِي يَدِ ذِمِّيٍّ وَادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَبَرْهَنَا قَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ وَإِلَّا قَضَى بِهِ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُفَّارًا اهـ.

وَقَيَّدَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ امْرَأَةَ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمَةَ لَوْ قَالَتْ مَاتَ زَوْجِي وَهُوَ مُسْلِمٌ وَهَذِهِ دَارُهُ مِيرَاثًا لِي وَقَالَ وَلَدُهُ وَهُمْ كُفَّارٌ مَاتَ كَافِرًا وَصَدَّقَ أَخُو الْمَيِّتِ الْمَرْأَةَ وَهُوَ مُسْلِمٌ قَالَ فِي الْخِزَانَةِ قَضَيْت لِلْمَرْأَةِ وَلِلْأَخِ دُونَ الْوَلَدِ وَفِيهَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَبَوَاهُ ذِمِّيَّانِ فَقَالَا مَاتَ ابْنُنَا كَافِرًا وَقَالَ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُونَ مَاتَ مُسْلِمًا فَمِيرَاثُهُ لِلْوَلَدِ دُونَ الْأَبَوَيْنِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي مَوْتِ الْمَيِّتِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْأَخِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَتَكْفِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا كَمَا لَا يَخْفَى وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْمُودِعُ هَذَا ابْنُ مُودِعِي لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا لِإِقْرَارِهِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْوَارِثِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ قَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِالْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا أَخُوهُ شَقِيقُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ يَدَّعِيهِ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَخِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِابْنِ بِخِلَافِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَتَمَامُهُ مَعَ بَيَانِ مُدَّةِ التَّأَنِّي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَلَا أَدْرِي أَمَاتَ أَمْ لَا لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ لَا قَبْلَ التَّلَوُّمِ وَلَا بَعْدَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تَقُولُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ

وَأَشَارَ الْوَدِيعَةِ إلَى أَنَّ الْمَدْيُونَ إذَا قَالَ هَذَا ابْنُ دَائِنِي فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِالْأَوْلَى وَقَيَّدَ بِالْوَارِثِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمُودَعِ فِي الْعَيْنِ بِإِزَالَتِهَا عَنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ كَيَدِ الْمَالِكِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِخَالِصِ حَقِّهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَدِيعَةِ قِيلَ لَا يَسْتَرِدُّهَا لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِدَّهَا لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْحِفْظُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَكَانَ بِالدَّفْعِ مُتَعَدِّيًا وَلِذَا ضَمِنَ إذَا أَنْكَرَ الْمَالِكُ التَّوْكِيلَ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الْوَكِيلِ حَتَّى ضَاعَتْ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ عَمَلًا بِمَا فِي زَعْمِهِ وَقَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ إذَا أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ كَالْوَدِيعَةِ وَمُرَادُهُ مِنْ الِابْنِ مَنْ يَرِثُ بِكُلِّ حَالٍ فَالْبِنْتُ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ كَالِابْنِ وَكُلُّ مَنْ يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَهُوَ كَالْأَخِ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْغَائِبِ وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَمَّةُ الْمَيِّتِ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ وَقَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ وَصَدَّقَهُمَا ذُو الْيَدِ وَقَالَ لَا أَدْرِي لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ غَيْرَهُمَا أَوْ لَا لَمْ يَكُنْ لِمُدَّعِي الْوَصِيَّةِ شَيْءٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي إلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَوْ الْعَمَّةِ أَوْ الْخَالَةِ أَوْ بِنْتِ الْأُخْتِ إذَا انْفَرَدَ أَمَّا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فَلَا يُزَاحِمُ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ مُدَّعِي الْأُخُوَّةِ لَكِنْ مُدَّعِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا زَاحَمَهُ مُدَّعِي الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بِالْكُلِّ أَوْ الثُّلُثِ مُسْتَدِلًّا بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ فَمُدَّعِي الْأُخُوَّةِ أَوْ الْبُنُوَّةِ أَوْلَى بَعْدَمَا يَسْتَحْلِفُ الِابْنَ مَا هَذِهِ زَوْجَةُ الْمَيِّتِ أَوْ مُوصًى لَهُ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنْ أَقَامَ أَخَذَ بِهَا اهـ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ ذَا الْيَدِ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِالْكُلِّ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ أَنَّ هَذِهِ زَوْجَتُهُ فَالْمَالُ لِلِابْنِ وَالْمَوْلَى كَمَا لَوْ عَايَنَاهُ أَقَرَّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ أَقَرَّ بِسَبَبٍ يُنْتَقَضُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ دَعْوَى الْمَجْمَعِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ زَيْدٍ فَجَاءَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَصَدَّقَهُ زَيْدٌ يُؤْمَرُ بِإِعْطَاءِ أَقَلِّ النَّصِيبَيْنِ لَا أَكْثَرِهِمَا. اهـ.

قَيَّدَ بِتَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ وَقَالَا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ فَلَهُ أَكْثَرُ النَّصِيبَيْنِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلَكِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْخَارِجَيْنِ ذِمِّيًّا فَيَظْهَرُ مَعْنَى هَذَا وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْأَخِ إلَخْ) أَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَصْدِيقَ الْأَخِ شَرْطٌ لِإِرْثِهِ مُشَارِكًا لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَكْذَبَهَا يَكُونُ مُعْتَرَفًا بِأَنَّ وَلَدَهُ وَارِثُهُ فَيُحْجَبُ الْأَخُ بِهِ فَلَا يَرِثُ وَكَانَ الْمُؤَلِّفُ فَهِمَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِإِرْثِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ مَعَ بَيَانِ مُدَّةِ التَّأَنِّي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) حَيْثُ قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ احْتَمَلَ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَوْهُومٌ وَإِذَا تَأَنَّى إنْ حَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَعْطَى كُلَّ مُدَّعٍ مَا أَقَرَّ بِهِ لَكِنْ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا أَعْطَاهُ الْمَالَ وَضَمِنَهُ إنْ كَانَ ثِقَةً حَتَّى لَا يَهْلِكَ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ تَلَوَّمَ الْقَاضِي حَتَّى يَظْهَرَ أَنْ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يُعْطِيهِ الْمَالَ وَيُضَمِّنُهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ بِشَيْءٍ بَلْ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِأَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا مُقَدَّرٌ بِحَوْلٍ هَكَذَا حُكِيَ الْخِلَافُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ قَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>